تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولهذا استحب طائفة من متأخري الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد مثل ذلك, واحتجوا بهذه الحكاية التي لا يثبت بها حكم شرعي, لا سيما في مثل هذا الأمر الذي لو كان مشروعا مندوبا لكان الصحابة والتابعون أعلم به وأعمل به من غيرهم, بل قضاء حاجة مثل هذا الأعرابي وأمثاله لها أسباب قد بسطت في غير هذا الموضع, وليس كل من قضيت حاجته لسبب يقتضي أن يكون السبب مشروعا مأمورا به, فقد كان صلى الله عليه وسلم يُسأل في حياته المسألة فيعطيها لا يرد سائلا, وتكون المسألة محرمة في حق السائل, حتى قال (إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها نارا) قالوا يا رسول الله: فلم تعطيهم؟ قال (يأبون إلا أن يسألوني, ويأبى الله لي البخل) وقد يعمل الرجل العمل الذي يعتقده صالحا ولا يكون عالما أنه منهي عنه فيثاب على حسن قصده ويعفى عنه لعدم علمه, وهذا باب واسع, وعاما العبادات المبتدعة المنهي عنها قد يفعلها بعض الناس ويحصل له بها نوع من الفائدة, وذلك لا يدل على أنها مشروعة, بل لو لم تكن مفسدتها أغلب من مصلحتها لما نهى عنها ... ).

وقال رحمه الله في كتابه قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ط. مكتبة الفرقان, ص160 - 162:

(وأيضاً فإن طلب شفاعته ودعائه واستغفاره بعد موته وعند قبره ليس مشروعاً عند أحد من أئمة المسلمين، ولا ذكر هذا أحد من الأئمة الأربعة وأصحابهم القدماء، وإنما ذكر هذا بعض المتأخرين: ذكروا حكاية عن العتبي أنه رأى أعرابيا أتى قبره وقرأ هذه الآية، وأنه رأى في المنام أن الله غفر له.

وهذا لم يذكره أحد من المجتهدين من أهل المذاهب المتبوعين، الذين يفتي الناس بأقوالهم، ومن ذكرها لم يذكر عليها دليلاً شرعياً .... ) الخ كلامه رحمه الله.


قال العلامة محمد بن عبد الهادي رحمه الله في كتابه العظيم "الصارم المنكي في الرد على السبكي" ص 212 ط. الإمام بمصر:
(وهذه الحكاية التي ذكرها - يعني السبكي - بعضهم يرويها عن العتبي بلا إسناد، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب الهلالي، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب بلا إسناد، عن أبي الحسن الزعفراني عن الأعرابي.
وقد ذكرها البيهقي في كتاب "شعب الإيمان" بإسناد مظلم عن محمد بن روح بن يزيد البصري حدثني أبو حرب الهلالي، قال: حج أعرابي، فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ راحلته فعقلها، ثم دخل المسجد حتى أتى القبر، ثم ذكر نحو ما تقدم. وقد وضع لها بعض الكذابين إسناداً إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
وفي الجملة؛ ليست الحكاية المذكورة عن الأعرابي مما تقوم به الحجة، وإسنادها مظلم، ولفظها مختلف "أيضاً"، ولو كانت ثابتة لم يكن فيها حجة على مطلوب المعترض، ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية، ولا الاعتماد على مثلها عند أهل العلم، وبالله التوفيق).
العالم الرباني, والمجدد الثاني الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله
ونقل العالم الرباني, والمجدد الثاني الشيخ عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله كلام شيخ الإسلام المتقدم مع شيء من التصرف, فقال في كتابه القول الفصل النفيس في الرد على المفتري داود بن جرجيس. ص120 - 122 ط. دار الهداية.
(وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء أيضاً:
ولم يكن أحد من السلف يأتي قبر نبي ولا غير نبي لأجل الدعاء به, ولا كان الصحابة يقصدون الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند قبر غيره من الأنبياء وإنما كانوا يصلون عليهم ويسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه. فاتفق الأئمة على أنه إذا دعا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يستقبل قبره, وتنازعوا عند السلام عليه. فقال مالك وأحمد وغيرهما: يستقبل قبره ويسلم عليه. وهو الذي ذكره أصحاب الشافعي. وقال مالك فيما ذكره إسماعيل بن إسحاق في المبسوط والقاضي عياض وغيرهما: لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم, ولكن يسلم ويمضي. وقال في المبسوط: لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج أن يقف على النبي صلى الله عليه وسلم, ويدعو له ولأبي بكر وعمر, فقيل له: إن ناسا من أهل المدينة يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر فيسلمون ويدعون ساعة فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا, ولم يبلغني عن أول
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير