ومن هذه الأرض خرجت فواتح النور ومصابيح الهداية واتسقت مؤسسات المجتمع الأهلي وعلى رأسها مؤسسة المحظرة التي رفعت لواء الدين الإسلامي في هذا البلد وحمت هويته الحضارية وكانت له خير سور يحمي الهوية ويزرع الإيمان في النفوس.
وانتشر إشعاع المحظرة الشنقيطية الإصيلة ليبلغ كل فجاج الأرض وليدخل النور والهدى إلى أدغال إفريقية، نورا يغمر النفوس وعقيدة تأخذ بمجامع القلوب، وعلما وفقها يوجه الحياة للتي هي أقوم، وامتد إشعاع المحظرة شرقا، عبر سفرائها الذين جابوا العالم العربي والإسلامي وشهدت لهم مجامع الفقه ومراكز الدعوة بالتميز والعبقرية والموسوعية، وقد ركز الشناقطة في مصرأو السودان أو في الشام والعراق والحجاز وفي المغرب الأقصى راية النور الذي اتبعوه وكانوا دعاة وهداة.
في موكب يتألق في فرسانها لمجيدري ولد حب الله، والطالب ولد اطوير الجنة، ومحمد يحيى الولاتي، ومحمد محمود ولد التلاميد، ومحمد الأمين ولد فال الخيري والشيخ محمد الأمين الشنقيطي ويستمر العطاء وتستمر المسيرة ..
غير أن تلك الشمس (التي حملت اسم المحظرة) التي أضاءت سماء شنقيط المسلمة وأولئك الكواكب النيرة التي ارتفعت في سمائها، لم تزل تتعرض للخسوف، شيئا فشيئا، ولم يزل العلم في هذا البلاد يقبض من أطرافه، وكبار العلماء يرحلون بهدوء مخلفين جرحا لايندمل وفراغا يصعب سده، وفجوة يتطلب تجاوزها عشرات السنين، وهمما مجنحة كتلك التي سمت بعلماء شنقيط
من هذا المنطلق وبناء على هذه الوضعية المقلقلة، أحس المصلحون في هذا البلد وحملة مشروعه الحضاري، أن مستقبل البلاد في خطر وأن شرف هذه البلاد الوحيد والمتمثل في العلم والعلماء قد آذنت شمسه بالمغيب، كبرت الفجوة .. وتعاظم الإحساس بالخطر وارتفعت الأصوات محذرة من الغد المجهول لأرض العلماء والشعراء، ثم تجسد ذلك القلق والخوف في رغبة قوية في التغيير، وإرادة جازمة على حمل مشعل المحظرة ووصل الماضي الحاضر بالماضي الزاهر، ولتتجسد تلك الإرادة مشروعا قويا ومعهدا منيرا، هو معهد تكوين العلماء في موريتانيا الذي حلما للأمة، وغاية من كبرى غايات الشعب حققها الله على يد الشيخ الإمام محمد الحسن ولد الددو حفظه الله ونخبة طيبة من إخوانه العلماء والدعاة
ليكون مركز نور ومنارة إشعاع ومنبر دعوة، وميدان نصيحة، ويد عامل ولسان فقيه، وقلم مؤلف، وهمة طالب ودعوة أمة تأبى أن تهون أو تلين، وترفض أن لاتكون خير خلف لخير سلف وأن تجدد العهد وتصون الأمانة وترفع الراية إلى شأو أبعد مما كان
المركز .. أهداف أمة ووسائل دعاة
مع بداية الألفية الجديدة بدأ الشيخ العلامة محمد الحسن ولد الددو مع عدد من العلماء والدعاه يضعون اللبنات الأولى لمشروع الأمة، مشروع الفقيه الموسوعي والذي اختارو له أن يحمل اسم مركز تكوين العلماء، وليحقق عدة أهداف سامية للمجتمع الموريتاني بشكل خاص وللعلم والعلماء في العالم الإسلامي كله، ومن أهم تلك الأهداف التي وضعها بناة المركز وهو يرددون ’’ ربنا تقبل منا إنك إنت السميع العليم’’
يسعى مركز تكوين العلماء إلى إعادة عصر المحظرة الذهبي في نسخة جديدة تحمل الماضي بكل إشراقه وبهائه، والحاضر بكل علومه وإشكالاته، وذلك عبر
1 - تكوين وتخريج علماء ربانيين مخلصين لينتشروا في مناكب الأرض ومختلف بلدان الأمة، حاملين جذوة النور و الهداية بإذن الله، وفق منهج علمي وتربوي يركز على:
1 - حفظ المتون المقررة حفظا متقنا مع الرواية.
2 - فهم جميع المقررات واستيعابها. وإتقان تدريسها.
3 - الفقه بالواقع واستيعاب إشكالياته.
4 - الالتزام التام بسلوك العلماء الربانيين، وسمتهم وأخلاقهم.
5 - إتقان المهارات الدعوية وتطبيقها.
6 - إتقان استغلال الوسائل الحديثة المقررة.
7 - تنمية روح الإبداع والاستقلال الشخصي.
8 - تنمية روح الإخاء والتعاون والمحبة.
9 - ترسيخ العقيدة الصحيحة والولاء للدين والتحرر من كل الو لاءات الأخرى.
2 - القيام لله بالشهادة في الأرض وللمجتمع بالخدمة الدعوية والتربية العامة، بما يضمن له الوحدة والترابط والأخوة، ويدفع الجيل إلى عالم القراءة والتفقه، ليصنعوا بذلك أمة اقرأ إلى سابق مجدها ومطلوب قرآنها وسنتها.
¥