ومَنْ كتبَ في حافظةِ البشرِ مُفصَّلَ تاريخِ حياتِه وما يتعلّق به ..
ليس إلاّ خالقَ كلِّ شيءٍ،
وأنَّ هذا التصرُّفَ خاتمٌ مخصوصٌ بربِّ العالمين.
ـ[خلوصي]ــــــــ[17 Jun 2010, 10:07 م]ـ
اللمعة الرابعة
فكما أن الكتاب لو كان مكتوباً، يكفي له قلمٌ واحدٌ لواحدٍ ..
ولو كان مطبوعاً، يلزم لطبعه أقلام بعدد حروفه - على شكل حروفه - واشتراك كثيرين لتصنيع تلك الأقلام، أي الحروف الحديد ..
ولو كتب بخط دقيق أكثر الكتاب في بعض الكلمات - كما قد تُكتب سورة (يس) في كلمة (يس) - فحينئذ لابد لطبع تلك الكلمة الواحدة أقلامٌ حديدية بعدد حروف أكثر الكتاب ..
كذلك هذه الكائنات إذا قلتَ إنها مكتوبة بقلم الواحد الأحد، سلكت طريقاً سهلاً معقولاً في نهاية السهولة بدرجة الوجوب ..
وإذا أسنَدتَها إلى الطبيعة و إلى الأسباب، سلكت طريقاً في نهاية الصعوبة بدرجة الامتناع وفي نهاية عدم المعقولية بدرجة المحالية؛ لأنه يلزم على الطبيعة أن تُحضِر لطبع كل حي كلَّ ما يلزم لأكثر الكائنات ..
فهذه من الخرافات التي تمجّها الأوهام ..
بل لابد أن تُوجِد في كل جزء من التراب والماء والهواء:
إمّا ملايين مطبعات معنوية وماكينات مستترة فيه حتى بعدد الأزهار والأثمار، ليُمكن تَشكّل هاتيك الأزاهير والثمرات المتخالفة الجهازات والماهيات ..
وإمّا فَرضُ وجودِ قدرةٍ قادرةٍ على تصنيع جميع النباتات، ووجودِ علمٍ بلا نهاية محيطٍ بتفاصيل جميع خواص جميع الأشجار والمتزهرات وجهازاتها وموازينها، في كل جزء من التراب والماء والهواء؛ إذ كل جزء من هذه الثلاثة يَصلَح أنْ يصير منشأً لتشكل كل النباتات أو أكثرها.
فافرض قصعة تراب، ثم افرض دخول كل بذر ونواة فيها على التعاقب، ثم أفرغ القصعة واملأها من صُبْرَةِ التراب حتى تكيل كل التراب، ترى النتيجة واحدة!
على أن المشهود يكفيك؛
إذ تُشاهد في سيرك في الارض منشأية أكثر أجزاء التراب لأكثر النباتات،
مع أن تشكل كل واحدٍ واحدٍ من النباتات المزهرة والمثمرة، مخالف لكل واحدٍ واحدٍ منها؛
وكلُّ واحد منها له من الانتظام والاتزان والامتياز طرز خاص وخصوصية تستلزم جهازات مخصوصة، وماكينة خاصة، ومطبعة تخصه، بل تستلزم وجود كل جهازات تشكيل تمام الشجرة والنبات في كل واحد من نواته وبذره، مع بساطة البذور والنواتات وتشابهها.
فيلزم على الطبيعة أن تُحضر معنىً جهازات تشكل كل الاشياء وماكيناتها المعنوية وأسبابها في كل شئٍ شئٍ.
فهذه سفسطة يتنفّر منها السوفسطائي أيضاً، وخرافة يخجل منها من يُضحِكُ الناس بنقل الخرافات.
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[18 Jun 2010, 02:19 ص]ـ
اسمح لي أخي الكريم أن أنقل لك هذا الكلام القيم للإمام ابن القيم رحمه الله و الذى أحس أنه له علاقة وثيقة بالرد على ما تُسطره لنا من هذه الرسائل و أتمنى أن تقرأه بتمعن و أرجو أن يتسع صدرك له.
قال رح1 في مدارج السالكين الجزء الثالث صفحة 399 و ما بعدها:
(((وقد قال الله تعالى لرسوله {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} وقال عبد الله بن مسعود رض11 (من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه فاعرفوا لهم حقهم وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.)
فلا تجد هذا التكلف الشديد والتعقيد في الألفاظ والمعاني عند الصحابة أصلا وإنما يوجد عند من عدل عن طريقهم وإذا تأمله العارف وجده كلحم جمل غث على رأس جبل وعر لا سهل فيرتقي ولا سمين فينتقل فيطول عليك الطريق ويوسع لك العبارة ويأتي بكل لفظ غريب ومعنى أغرب من اللفظ فإذا وصلت لم تجد معك حاصلا طائلا ولكن تسمع جعجعة ولا ترى طحنا فالمتكلمون في جعاجع الجواهر والأعراض والاكوان والألوان والجوهر الفرد والأحوال والحركة والسكون والوجود والماهية والانحياز والجهات والنسب والإضافات والغيرين والخلافين والضدين والنقيضين والتماثل والاختلاف والعرض هل يبقى زمانين وما هو الزمان والمكان ويموت أحدهم ولم يعرف الزمان والمكان ويعترف بأنه لم يعرف الوجود هل هو ماهية الشيء أو زائد عليها ويعترف أنه شاك في وجود الرب هل هو وجود محض أو وجود مقارن للماهية ويقول الحق عندي الوقف في
¥