انتقلتُ بعد ذلك إلى أم الحمام - وكانت حيا من أحياء الرياض المتطرفة – فقرأت على فضيلة الشيخ عادل بن سالم الكلباني إمام وخطيب جامع الملك خالد آنذاك؛ وإمام الحرم المكي المكلف حاليا، وكانت لي خلف الشيخ صلوات طويلات في التراويح سنين عددا، ولهذا فهو من أعلى مشايخي سندا، إذ سمعتُ منه القرآن الكريم كاملا غيرَ مرةٍ، وقرأتُه عليه غير مرة كذلك، فقد قرأته عليه بحفص من طريق الطيبة، ثم أعدت عليه ختمة أخرى بعاصم من طريق الشاطبية، وكان آخر قراءتي على فضيلته عام 1418هـ، وسافرت بعدها إلى الكنانة، وما زلتُ بها إلى الآن.
فضيلة الشيخ الكلباني من المميزين جدا في الوقف والابتداء، وهو الذي بذر في قلبي بذرة هذا العلم إبّان قراءتي عليه، فقد تعلمت منه الكثير مما سطرته في كتابي الذي سيأتي الحديث عنه موصولا إن شاء الله بعد قليل، ولا زلت على تواصل وثيق بالشيخ كلما زار مصر.
أما الرحلة العلمية في مصر فزاخرة جدا؛ لكنها غير موثقة بإجازات بعدُ، فقد زرتُ وتتلمذتُ على يد الكثيرين، وأُجزت من كثيرين إجازات عامة وببعض القرآن الكريم، لكن يبقى الأساسُ الحصينُ والركنُ الركينُ في نقل القرآن الكريم: ختمُ المصحفِ كاملا من أوله إلى آخره من حفظِ الصدر كفاحا مشافهة على الشيخ عن شيخه بمثله إلى آخر السند! وعليه فلا أعوِّلُ كثيرا على الإجازات العامة والإجازة ببعض القرآن الكريم.
وقد لقيت عددا من الفطاحل وتتلمذت على أيديهم:
فمنهم الشيخ المُعمَّر العلامة المقرئ إبراهيم شحاثة السمنودي عليه رحمة الله، وأجزتُ منه بالقرآن الكريم قراءة لبعضه، كما أجازني بمجموع السمنوديات، وهو جزء فيه بعض منظوماته، وأجازني كذلك إجازة عامة بكل ما كتب ونظم، وكنت قد أسلفتُ لبعض الإخوة حين طلبوا مني الإجازة بها: أن هذا العلم له حقيقة وسند، فأما السند فقد سعيتُ في طلبه قبل أن يَقضي الشيخُ أجله، لأن ذلك مما يُخشى فوته، أما الحقيقة فهي فهمُ ما فيه وضبط معانيه، وهذا الذي لم أحصل بعضه فضلا عن كله؛ فأنى لي أن أجيز به، إلا أن أكون قنطرة للعلم، تلحقُني مَذَمَّةُ الحمار يحمل أسفارا!
كما لقيت وأجزتُ منها بالقرآن الكريم قراءة لبعضِهِ: الشيخة الفاضلة المُعمَّرة نفيسة عبد الكريم زيدان عليها رحمة الله ورضوانه، وكانت أعلى أهل الأرض في الأربعة الشاذة - هي والعلامة السمنودي عليه الرحمة- ومن أعلى الأسانيد في العشرة الكبرى، عليها رحمات الله ورضوانه.
كما لقيتُ عددا من فطاحل المقرئين وقرأت عليهم بعض القرآن تبركا بعلمهم ومكانتهم: فمنهم الشيخ علي رحال السكندري، والشيخ العالم المقرئ محمد عبد الحميد السكندري، والشيخ الدكتور سعيد مصطفى زعيمة السكندري، وقد تتلمذت على الأخير فترة ليست بالقصيرة في مكتبه العامر بطنطا، حيث كان يدرسني مع بعض طلابه أصول القراءات العشر الكبرى، وهو دقيق في علمه متمكن من مادته، حفظه الله ورعاه.
كما لقيت الشيخ العلامة الدكتور عليَّ بن توفيق النحاس، تلميذ العلامة الشيخ عامر عثمان؛ شيخ عموم المقارئ بالديار المصرية الأسبق، وقرأتُ عليه بعض القرآن الكريم تبركا، وقد أفدت كثيرا من لقياه، وهو دقيقُ العلمِ غزيرُه، وأبرز ما فيه التواضع الجم، والأدب الفياض، والضيافة الآسرة، وقد أجازني ببعض كتبه ومنظوماته، وعقدت معه لقاءا حصريا لم أُتمه بعدُ، أسأل الله أن يعين على إتمامه.
ولقيت من المقرئين فضيلة شيخنا الشيخ أحمد مصطفى المليجي تلميذ العلامة الزيات، عليهما رحمة الله تعالى، زرته وقرأت عليه بعض القرآن تشريفاً في منزله العامر بالجيزة.
ولقيت وقرأت بعض القرآن الكريم تشريفاً على الشيخ المقرئ الفاضل محمد عبد الحكيم أبو رواش ببلدته أبو رواش من أعمال الجيزة بمصر المحروسة، وهو مقيم بالمدينة المنورة منذ زمن.
كما عرضت بعض القرآن الكريم على شيخنا الشيخ المقرئ حسين بن خالد عشيش البصير بقلبه، الذي يعرفه مشاهدوا قناة الفجر في قراءته برواية السوسي عن أبي عمرو.
وتشرفت كذلك بلقيا الشيخ مصطفى البنا الأخ الشقيق للشيخ محمود البنا المقرئ المعروف عليه رحمة الله، وهو قارئ قديم، ومقرئ في معاهد القراءات الأزهرية وعالم جليل، وقرأت عليه بعض القرآن بالعشر الصغرى بنية أن أتم الختمة كاملة لكن حالت الظروف دون ذلك.
¥