ـ[رائد الكحلان]ــــــــ[20 May 2010, 07:56 ص]ـ
فضيلة المشرف ممن تتعين علينا إجابتهم إلى التعارف الشريف, إذ التعارف بين المتجالسين من المروءة .. وإن كان تحدث المرء عن نفسه فيه شيء من الصعوبة؛ للخشية من آفة التّزيُّن -عافاني الله وإخواني في هذا الملتقى منها بمنه آمين-, إلا أن عزاء المرء أنه أدرى بخبايا نفسه ودقائق عيوبه .. سائلاً الله لي ولإخواني ستره الذي لا ينكشف ..
وما مضى من تعريف لحضرات الإخوة والمشايخ مما يسرّ الإنسان أنه في أكناف ملتقى رُوّاده هذه شؤونهم وسيرتهم, في حين أنه يزري على نفسه أنه متخلف عن ركابهم, ألحقنا الله وإياكم بالصالحين.
فأقول وبالله التوفيق:
أخوكم رائد بن محمد الكَحْلان (من الكَحَل لا من الكُحل, إذ الأول هو اسوداد أصول الأشفار خِلْقةً, والثاني هو الكُحْل المعروف, ومن هذا قول الشاعر:
قالت مسودة الأهداب والمقلِ ليس التكحُّل في العينين كالكَحَلِ
وذلك أنه قيل أن والد جدي كان أكحل خلقةً .. ) الغامدي نسباً, الطائفي منزلاً.
ألقت والدتي -رضي الله عنها وأرضاها ورزقني رضاها- بنجلها الأول (رائد) في حي (نخب) بالطائف المأنوس منذ ما يقرب من ثلاثة عقود, وكانت القابلة امرأة من السودان واسمها (أمينة) لأهبط على الأرض بأمان في أيدٍ أمينة .. ونشأت في كنف والدين يتنازعان الرفق والحزم, حيث يُليّنُ حزمَ والدتي رفقُ والدي –على عكس كثير من البيوت-, وكان والدي -أطال الله عمره وأحسن عمله- من أوائل الدفعات التي تخرجت من كلية الشريعة من جامعة أم القرى, حيث كان يُعطى المتخرج آنذاك 50 ألفاً من الدولة و 25 ألفاً من الشيخ ابن باز –رحمه الله- فاستعان بها على زواجه وتأسيس أسرته, وفتحت عيني على كتب اقتناها أو أُهديت له أثناء دراسته, منها: تفسير أبي السعود, وتفسير الشوكاني, وأحكام القرآن لابن العربي, والظلال لسيد قطب, وصحيح مسلم بشرح النووي, والمغني بالشرح الكبير, وشرح منتهى الإرادات, وكشاف القناع .. وغيرها, ولازلت أحتفظ ببعضها وإن كانت قديمة الطباعة ..
درست المرحلة الابتدائية في مدرسة عكاظ, وكنت في هذه المرحلة أتردد بين التحاق وانقطاع بحلقات تحفيظ القرآن الكريم, ثم درست المتوسطة بمدرسة كعب بن مالك رضي الله عنه, وكانت هذه المدرسة من أفضل المدارس المتوسطة بالطائف بمديرها الذي كان من طلاب علم الحديث ومن طلبة الشيخ ابن باز -رحمه الله-, والذي كان له وجاهة في التعليم خولته بانتقاء كوكبة من المعلمين النبلاء من أهل الاستقامة والفضل .. فأضحت المدرسة أشبه بمركز صيفي, نشتاق لبزوغ الفجر لنيمم شطرها, فعرفت فيها التنافس للتميز, وتنمية الملكات والمهارات, فإلى جانب تفوقي في الدراسة, فقد جعلوني رئيساً لعدد من جماعات النشاط كالإذاعة المدرسية, والتوعية الإسلامية, والإلقاء والتعبير .. وكان من أثر المعلمين الاخيار عليّ أن التحقت بحلقات التحفيظ .. وحيث رزقني الله حسن الخط فقد كان لي اهتمام بالغ به في هذه المرحلة, أصرف جل وقتي بين القرآن ومطالعة الخطوط العربية وكتب كبار الخطاطين, حتى رُشحت لأجل جودة خطي للاتحاق بمركز الموهوبين في الطائف وهو أول مركز أُقيم بالمملكة تحت التجربة ثم عُمم ..
ثم جاءت المرحلة الثانوية ودرست بثانوية الإمام مالك -رحمه الله- في قسم العلوم الطبيعية, حيث كان يطمح من حولي أن أكون طبيباً أو مهندساً أو طياراً أو من قبيل هذه الأشياء! وكنت أرأس نشاط التوعية الإسلامية وأحب نشاط الإلقاء .. وفي هذه المرحلة أتممت حفظ القرآن الكريم بالحلقات النموذجية بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بالطائف, وتعرفت وقتئذ على ثلة من المشايخ الكرام كالشيخ محمود شمس والشيخ أحمد حسبو والشيخ عبد الله بشير فلاته في آخرين .. ثم قل اهتمامي شيئاً فشيئاً بالخط العربي بعد صحبتي للقرآن العظيم وانبهاري بهداياته .. وكنت أحضر بعض دروس الشيخ ابن باز –رحمه الله- والشيخ الفوزان –حفظه الله- في فترة الصيف.
¥