في هذه المرحلة تلقيت في بعض المحاضن التربوية تربيةً صوفية على الطريقة السلفية, فكانت هناك أشياء تشبه البيعة والمرشد والمريد الذي يكون بين يدي الشيخ كالميت بين يدي المغسل! ومهما يكن من أمر فقد تأثرت بهذه التربية تأثراً بالغاً, فبها تخلصت من كثير من الرعونات وفاسد الأخلاق, واكتسبت حظاً من المباديء والمعاني النبيلة, ولا زالت تلك التربية زاداً أتبلغ به إلى الآن, وأجدها سداً منيعاً ضد عواصف الفتن, كيف وقد كنت أرى قرآناً يمشي على الأرض في بعض أهل الإخبات والخشية –ثبتني الله وإخواني على الحق- .. إلا أن الضعف العلمي في مثل تلك الأجواء, وتلهفي للطلب جعلني أنفر منهم وينفرون مني ..
تخرجت من الثانوية في شغف بطلب العلم الشرعي فأخذت ملفي إلى كلية المعلمين بالطائف وأذكر أني لقيت العميد وقلت أريد قسم الدراسات القرآنية, فقال يابني تخصصك علمي وأرى درجتك في مادة الأحياء عالية فلتدخل قسم الأحياء, فقلت لا أريد إلا الدراسات القرآنية, فقال هل تحفظ القرآن فقلت نعم فقال لا مانع إذن .. وفي هذه الكلية سعدت بمعرفة مشايخ أفاضل كالشخ محمد زيلعي –الذي اعتبره والدي في التخصص- والشيخ يحيى الثمالي والشيخ حاتم القرشي والشيخ عبد الله بن مرزوق القرشي (مدير قناة دليل) في آخرين, وبعد مضي سنة في الكلية شعرت بالحاجة للانتقال من الطائف إلى بيئة ذات عطاء أكبر لطلاب العلم, فحاولت الذهاب إلى المدينة النبوية -على ساكنها الصلاة والسلام- للاتحاق بقسم القراءآت, إلا أن ظروف العائلة وكوني أكبر الأشقاء تقتضي عدم بعدي, فقرّبت الأمر فذهبت إلى قسم القراءآت بأم القرى, وكان الشيخ خالد الغامدي (إمام الحرم المكي) رئيساً وقتئذ للقسم وقام باختباري وقبولي على الفور, وبعد مضي ثلاثة أسابيع كانت ظروف عائلتي وصغار أشقائي تلح علي بالرجوع إلى الطائف وعدم الاستمرار, وكان هذا الشعور بالمسؤولية من نتاج ما تلقيته من المباديء في المحضن التربوي, وما أمْلَتْه علي الظروف من كوني أكبر الأشقاء, وأحسب أن الله عوضني خيراً فعدت إلى قسم الدراسات القرآنية وتخرجت فيه عام 1425 وتقدمت لوظيفة معيد في القسم, إلا أن تأخر إجراءات التوظيف ألجأتني للتدريس بالتعليم العام لمدة عام ونصف تقريبا في ضاحية من ضواحي الطائف تبعد مسافة سفر, وكانت أشد مرحلة على نفسي مرّ علي فيها محن وابتلاءات وأنواع غريبة من البشر! والضرب في الأرض يريك العجائب ..
في هذه الفترة كنت على صلة بالتخصص, فالتقيت في الطائف بنجمٍ لمع في سمائي وهو الشيخ مساعد الطيار –حفظه الله- في محاضرة بعنوان "أفلا يتدبرون القرآن" وإن كنت أعرفه من قبل من خلال كتبه .. فوثقت يدي به وقرأت عليه فيما بعد (أصول في التفسير) لابن عثيمين –رحمه الله- في مكة المكرمة ..
ثم عُينت معيداً بقسم الدراسات القرانية بكلية المعلمين بجامعة بالطائف عام 1428, وأنعم بصحبة مشايخ أفاضل منهم: الشيخ محمد سيدي عبد القادر الشنقيطي والشيخ محمد زيلعي والشيخ ناصر القثامي والشيخ عبد الله حماد القرشي والشيخ محمود شمس والشيخ حاتم القرشي والشيخ حسن مصطفى في آخرين من أهل العلم والفضل ..
وأدرس الآن مرحلة الماجستير بقسم التفسير في جامعة أم القرى, وعرفت فيها ثلة من فضلاء المشايخ, منهم: الشيخ غالب الحامضي والشيخ أمين باشا والشيخ جمال مصطفى (مشرفي على الرسالة) والشيخ طه عابدين والشيخ زياد الدغامين والشيخ مصطفى أبوطالب والشيخ أحمد شرشال في غيرهم من الفضلاء, وأشتغل الآن بإطروحتي بعنوان: (الاستنباط عند العلامة محمد الامين الشنقيطي من خلال تفسيره أضواء البيان جمعاً ودراسة) ..
تلقيت عدداً من العلوم في التفسير وأصوله والعقيدة والفقه وأصوله والحديث وعلومه والنحو والتصريف والعروض والمنطق .. على ثلة من المشايخ في الطائف ومكة المكرمة وجدة ..
ووجدت في الإمامة والخطابة عبر ست سنوات في جامع الفاروق عوناً على صحبة القرآن وتزكية العلم والمشاركة في الدعوة ومعرفة معادن الناس ..
¥