تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذلك أن تصنيف الديار إلى دار حرب ودار سلم وإن كان تصنيفاً اجتهادياً إلا أنه مما أطبقت عليه كتب الفقه الإسلامي من المذاهب الأربعة بل حتى المذاهب: الشيعية والزيدية والإباضية، فهو ليس من مفردات السلفية ولا الوهابية، ولا من اختراعات ابن تيمية، وهي مصطلحات باقية إلى قيام الساعة ما بقي إسلامٌ وكفرٌ، ويمكن أن تكون بعض الديار مركبة فتكون دار حرب من وجه، ودار سلام من وجه آخر، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا كافٍ في الرد على من كفَّر المجتمعات الإسلامية، أو استباح أعراض المسلمين بحجة أنها دار حرب، فلا حاجة لإلغاء ما اتفق عليه فقهاء الأمة، بحجة وجود معاهدات دولية، ونشوء عالم كله فضاء للتسامح والتعايش السلمي بين جميع الأديان والطوائف، زعموا.

الوقفة السادسة:

وأخطؤوا أيضاً في قولهم: (وأصل مشروعية الجهاد ما كان دفعاً لعدوان {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} أو نصرة للمستضعفين {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ... } أو دفاعاً عن التدين {أذن للذين يُقاتَلون ... } وليس ناشئاً عن اختلاف في الدين أو بحثاً عن المغانم)

فإنه وإن كان جهاد الدفع مقدماً على جهاد الطلب، إلا أنَّ الجهاد إنما شُرع لإعلاء كلمة الله ولإظهار التوحيد وطمس الشرك وأن يدين الناس بدين الإسلام، والله عزَّ وجلَّ يقول: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} فكيف يقول هؤلاء: (وليس ناشئاً عن اختلاف في الدين)، ولو تأمل أصحاب البيان قولهم: (أصل مشروعية الجهاد ما كان دفعاً لعدوان) لوجدوا أنه يعززاجتهاد من يرى مشروعية أعمال العنف في البلدان الإسلامية بحجة أنه دفعٌ لعدوان، فجاء البيان ليؤكد لهم ذلك ويقول لهم: إنَّ هذا هو أصل مشروعية الجهاد. وكان يكفيهم أن يستنكروا ويجرِّموا أعمال العنف في البلدان الإسلامية مع بقاء فرضية جهاد الدفع ومشروعية جهاد الطلب عند القدرة وتحت راية إسلامية واضحة.

الوقفة السابعة:

وأخطؤوا أيضاً في قولهم: (إن مفهوم الولاء والبراء لا يكون مُخرجاً من الملة ما لم يكن مرتبطاً بعقيدة كفرية) وهذه لوثة إرجائية، فإن الولاء بمعنى المحبة والنصرة للكافرين من الأعمال المكفرة التي لا يُشترط فيها الاعتقاد، كما نص على ذلك علماء الإسلام قديماً وحديثاً.

الوقفة الثامنة:

بعد أن أثنى البيان على فتوى ابن تيمية المشار إليها ووصفها بأنها: (فتوى متميزة في طرحها مشابهة في واقعها إلى حد كبير لعصرنا) (لما تختزنه من دلالات علمية وحضارية ورمزية متميزة) دعا المؤتمر بعد ذلك إلى إعادة النظر في تقسيم الفقهاء -وابن تيمية واحد منهم- فقالوا: (يقتضي أن يعيد الفقهاء المعاصرون النظر في هذا التقسيم لاختلاف الواقع المعاصر الذي ارتبط فيه المسلمون بمعاهدات دولية يتحقق بها الأمن والسلام لجميع البشرية وتأمن فيه على أموالها وأعراضها وأوطانها) وكان يسعهم ما وسع ابن تيمية- الذي أثنوا عليه وعلى فتواه- من تقسيم الديار إلى دار حرب ودار سلم ودار مركبة فيها المعنيان، وكل هذه الأنواع موجودٌ في هذا العصر، مع الإنكار على مَن عامل دار السلم أو الدار المركبة معاملة دار الحرب، أما جعل المعاهدات الدولية سبباً في إلغاء التقسيم، فهذا مما يعجب منه المرء! خاصة ونحن نرى أن دول الكفر- وعلى رأسها إسرائيل ومن عاونها- أول من يخرق هذه المعاهدات.

الوقفة التاسعة:

ليحذر العلماء والدعاة والمفكرون من أن يكونوا أداة يستخدمها الغرب في ضرب ثوابت الإسلام، ويحققوا بذلك - من حيث شعروا أو لم يشعروا- استراتيجياتهم، ومخططات مراكز دراساتهم واستشاراتهم، كمؤسسة راند وغيرها، بحجة بناء شبكات معتدلة في العالم الإسلامي، كما هو أحد عناوين فصول تقرير مؤسسة راند.

الوقفة العاشرة:

وليحذر المسلم من المؤتمرات والمراكز الإسلامية المستَغْفَلة أو المشبوهة، وليعرض بياناتها وتوصياتها على الكتاب والسنة، وليستعن بالعلماء الراسخين في العلم، والدعاة الربانيين الذين لم يتأثروا بضغوط الواقع وما بدَّلوا تبديلاً.

نسأل الله عزَّ وجلَّ أن ينصر دينه، ويعلي كلمته

والحمد لله رب العالمين

المصدر: موقع الدرر السنية – قسم دراسات الواقع

4 جمادى الأولى 1431هـ

ـ[السراج]ــــــــ[03 Jun 2010, 08:04 ص]ـ

الأشد والأنكى أن الذين مثلوا هذا المؤتمر منتسبين إلى العلم الشرعي ومعروفين بالتمكن فيه مثل عبد الله بن بيه الموريتاني وأمثاله ..

وهؤلاء وأضرابهم يزدادون انهزاماً فوق انهزامهم يوماً بعد يوم، ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً، ليفرح ويشمت أعداء دين الإسلام بالإسلام وحملته الأعلام وأصوله وشرائعه العظام ..

فقد أصبحنا في ذيل ركب الأمم، والمستفيد الأول والأخير من هذه المؤتمرات المنهزمة نفسياً وروحياً وعقدياً أعداء الملة والدين المتربصين بالأمة الإسلامية شر الدوائر ..

وإنا لله وإنا إليه راجعون ..

وصدق الله تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير