[محاكم التفتيش العلمانية تترصد الفتاوى الإسلامية]
ـ[ايت عمران]ــــــــ[19 May 2010, 05:11 م]ـ
أرسل إلي الأستاذ نبيل غزال مقالا لأنشره في هذا الملتقى، وها هو ذا:
[محاكم التفتيش العلمانية تترصد الفتاوى الإسلامية]
في البداية، وقبل الخوض في هذا الموضوع الواسع الأكناف المتسع الأطراف الذي سنفتح النقاش حوله، يجب أن نتفق على مسألة عقدية مهمة جدا؛ وهي أن الله تعالى أرسل الرسل لإخراج الناس من الظلمات إلى النور؛ وأنزل الكتب ليُحكم الناس بها؛ وجعل ميراث الأنبياء بعد وفاتهم العلم؛ وجعل العلماء هم ورثة هذا الإرث العظيم؛ وأنزلهم مكانة سامية رفيعة؛ وأخذ عليهم العهد بتبليغ الدين فقال سبحانه: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ}؛ وهدَّد الذين يكتمونه فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (البقرة:159)؛ وبين صلى الله عليه وسلم: أن "من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة".فإذا اتفقنا على كل ذلك علمنا مكانة العلماء في الأمة باعتبارهم ناقلين للوحي وموقعين عن رب العالمين؛ ومقربين ومبلغين للدين إلى عموم المسلمين؛ وأن في إقصائهم أو تغييبهم عن شؤون الأمة تغييبا لحكم الدين وأمرِ الله فيما نحن بصدده.
وانطلاقا من هذا الاعتبار كانت الحرب التي يشنها أعداء الوحي على العلماء حربا ضروسا؛ والتخطيط لضرب اليقظة الدينية التي تشهدها الساحة المغربية بصفة خاصة والعربية والإسلامية بصفة عامة يتم على أعلى مستوى؛ أما أشباه المثقفين والحقوقيين والصحفيين وغيرهم؛ الذين يخوضون غمار هاته المعارك ما هم في حقيقة أمرهم إلا كراكيز وآليات تنفيذ هاته الخطة غير الرشيدة.
وقد تأملت في أسماء المتدخلين في موضوع الفتوى المثار في الساحة الإعلامية اليوم؛ فإذا بي أجد أسماء من قبيل محمد الساسي وأحمد عصيد وخديجة الرياضي وصلاح الوديع .. وجرائد ومجلات من قبيل: أخبار اليوم، والجريدة الأولى، والصباح، والأحداث المغربية، ونيشان، وتيل كيل .. وغيرها؛ فتوقفت حينها هنيهات قليلة متسائلا: ما علاقة هؤلاء الأشخاص وهاته المنابر الإعلامية ذات المرجعية العلمانية بمجال الفتوى؟
علما أنني كنت أستحضر جيدا أن الحرب على الفتوى قديمة جدا؛ مثَّل شهر رمضان لسنة 1429هـ الموافق لـ 2008م آخر فصولها الساخنة؛ وشهد حملة تشهير واسعة جدا استهدفت شخص الشيخ الدكتور محمد بن عبد الرحمن المغراوي في المغرب؛ بخصوص ما عرف آنذاك بزواج الصغيرة، والشيخ محمد صالح المنجد في المملكة العربية السعودية بخصوص الدعوى "إلى قتل ميكي ماوس"، والشيخ محمد علي فركوس في الجزائر بالدعوى إلى "تحريم الشباكية" .. وغيرها من الفتاوى التلفيقية ذات العناوين العلمانية التي رمي بها ثلة من علماء الأمة الأفاضل داخل المغرب وخارجه زورا وبهتانا.
والملاحظ على جل المتدخلين في هذا المجال أنهم يشكون من أمية دينية فظيعة؛ وهم غير معذورين في ذلك لتوفر جميع الوسائل التي من شأنها أن ترفع عنهم تلك الأمية؛ ويمارسون سياسة التقية والنفاق حين يظهرون تمسكهم بثوابت البلد؛ ومن ضمنها الدين؛ ويبطنون غير ذلك؛ ويصرون على الإجهاز على السلوكيات الدينية في المجتمع؛ وتكسير حاجز الهيبة والجلال الذي يحظى به الدين في نفوس معظم المغاربة المسلمين الذين لم يتأثروا بعد بدعوة الدين العلماني الوافد الدخيل.
إن حقيقة الهجوم على جناب الفتوى التي يصر العلمانيون على إخفائها؛ ويقض مضجعَهم تكشفُها وانجلاؤها أن الناس باتوا اليوم يعودون إلى دين الله أفواجا؛ وباتت أسواق المفسدين ونواديهم ينفضُّ الناس من حولها، وأصبح لدعاة الحق منابر ومؤسسات يبلغون من خلالها دعوتهم.
ومن يهمهم بقاء الناس في غفلة عن دينهم ومصير أمتهم يزعجهم كثيرا الرجوع إلى التمسك بتعاليم الإسلام السمحة؛ وانتشار مظاهر الالتزام والتدين؛ وتقصي الناس وسؤالهم عن أمور دينهم؛ وتساؤلهم المُلح عن سبب مخالفة قانون بلدهم لأحكام شريعة دينهم؟
¥