[الإسلام المهنة، والنفع، ومآذن سويسرا ..]
ـ[أحمد قطشة]ــــــــ[04 Jun 2010, 12:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
كما يعلم بعضا الإخوة فأنا أضيف هنا مقالات كنت كتبتها في مناسبات متفرقة، أضيفها هنا، لعلي أحصل على بعض الفوائد في النقاش مع الإخوة، لذلك أضيف اليوم هذا المقال، وهو متصل بالمقال الذي نشرته في الملتقى قبل عدة أيام بعنوان "في قوله تعالى (كنتم خير أمة) "يمكن الوصول إليه من هذا الرابط.
http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=19794
ومقال اليوم كتبته في الفترة التي أتبعت التصويت الشهير في سويسرا على حظر المآذن.
نص المقال:
منذ مقالي الأخير عن مفهوم الخيرية والأفضلية في قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) كنت أفكر في محاولة تأصيلية أكثر لهذا المفهوم، أن الأمة الأفضل هي الأمة التي تقدم أكثر النفع لغيرها من الأمم.
ولعلي توقفت عند الكثير من الآيات التي قارب فهمي لها لهذا المعنى، لكن آية سورة الرعد بقيت هي القادرة على تثبيت هذا المعنى بشكل أعمق، كيف لا وهي تقرر أن ما ينفع الناس يمكث في الأرض، ما ينفع الناس، كل الناس، وليس فئة محصورة منهم. (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ) [الرعد: 17]
لكن ما أعادني للواقع، هو ماحصل في الإسبوع الماضي في سويسرا، بنتيجة التصويت الذي دعا إليه أحد أحزاب اليمين، ونال موافقة الأغلبية، بحظر بناء المآذن في سويسرا.
وبطبيعة الحال إختلفت ردود الأفعال في العالم العربي والإسلامي من عدم اللامبالاة إلى الغضب، ومن دعوات التصحيح لدعوات المقاطعة وسحب الأموال والودائع من البنوك السويسرية، دون أن يظهر أي أثر حقيقي على الأرض لهذه الدعوات، بل والغريب في الأمر، حتى علماء العالم الإسلامي ومثقفوه، لم يحاولوا التواصل مع السويسريين، ومخاطبتهم ومحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه.
وبطبيعة الحال كذلك، تعددت التفسيرات محاولةً الإجابة لماذا حدث ذلك، فبعضها عزاه لتصاعد اليمين المتطرف، وبعضها عزاه للإسلام فوبيا، وبعضها عزاه للحركات الإسلامية الجهادية والتكفيرية، وبعضها عزاه لسلوك المسلمين في الغرب، وبعضها عزاه للأزمة الإقتصادية التي تعصف بكثير من دول العالم، وبطبيعة الحال يمكن القول أن شيئاً من كل هذا هو السبب.
غير أنه وفي رأيي كل هذه الأسباب، وحتى الإقتصادية منها، فكل هذه الأسباب هي عوارض للمشكلة الحقيقية، وليست سبباً، بل هي نتائج لهذه المشكلة.
ومكمن المشكلة برأيي هو التراجع التاريخي الحضاري للمسلمين منذ أكثر من 800 عام حتى يومنا الحاضر، وبروز هذا التراجع منذ عصر الثورة الصناعية وما تلاه من ثورة تكنولوجية وثورة في المعلومات، ولا أعتقد أنني بحاجة لشواهد وبراهين على هذا التراجع.
فإذا نظرنا لخارطة العلماء والمفكرين الكبار في القرن المنصرم، وفي هذا العقد، وأعني بهم من قدموا نظريات غيرت في فهم البشرية للكون وأبعاده، غيرت تصرفات البشر وسلوكياتهم، غيرت أنماط تفكيرهم وحياتهم، فلا نجد على هذه الخارطة علماء مسلمين، ولو بنسبة أقل من واحد على ألف بالمئة.
فإنظروا في عدد المفكرين العرب والمسلمين الذين قدموا نظريات إجتماعية عالمية، في الحقوق أو في التاريخ أو في السياسة أو في الإجتماع، وفي أمثال هذه العلوم الإنسانية، ستجد النسبة تكاد أن تكون صفر.
وحتى إن وجدنا إسماً ما، فلن نجده قدّم نفسه على أنه مسلم، فضلاً على أنك ستجد من ينتقده من بين أبناء المسلمين، بإعتبار أنه أتى بنظرية تخالف الشريعة الإسلامية، وبالتالي فهو في أهون الأحوال فاسق، ورويبضة تافه يتكلم في أمر العامة، حتى وإن حصل على جائزة نوبل في الإقتصاد كمحمد يونس مثلاً.
¥