[التحرير في مسألة إرضاع الكبير]
ـ[موسى الغنامي]ــــــــ[27 May 2010, 06:17 م]ـ
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه ومن والاه ,,,, أما بعد
قال البخاري – رحمه الله - في صحيحه معلقاً
" قال علي – رضي الله عنه -: حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله ".
المشاهد لما يدور في الساحة الفكرية يرى أربع تيارات تشكّل المجتمع , تيارين متصارعين ظاهراً وباطناً وتيار منتمٍ ظاهراً لفئة وباطناً لفئة أخرى وتيار لا يدري القاتل فيما قَتل ولا المقتول فيما قُتل وهم:
• تيار ينطلقون من مستند ويركنون إلى ركن , يقبلون ما قبل , ويردون ما رد , وما سكت َ عنه , إن بحثوه ردوه إلى أصله , وإن تركوه فهو في عداد المسكوت عنه , فلا يثربون على فاعله , ولا يرفعون تاركه , وهؤلاء ذكرهم التاريخ وسطرهم مع الأعلام النبلاء.
• وتيار أُعطي الإعلام والقلم , لا مستند يستندون إليه , ولا عقل يركنون إليه , إن قال الغرب قالوا , وإن سكتَ سكتوا , وإن أنكرَ أنكروا , وإن أشادَ أشادوا , وهم قلة قليلة كثرهم الإعلام , وهؤلاء إن ذكرهم التاريخ فيذكرهم مع أصحاب الفتن والضلالات.
وهؤلاء الصراع بينهم على أشده على مر التاريخ.
• وفئة ظاهرهم إلى الأولى أقرب وميلهم إلى الثانية أظهر , فهم تبع لتبع , وهم الحماة لمتبوعيهم بسلاح من يعتبرونهم أعداء , إن أشتد الخناق على من يتبعون جاءوا بما يحاولون به توسيع مجرى الهواء مما يعتمده من ينتسبون لهم في الظاهر , وإن تكالب من يتبعون على بني جلدتهم , خنسوا وسكتوا إن لم يقوموا معهم , وهؤلاء لا يخلوا تاريخ من ذكرهم ولكن باللعنة.
• وفئة رابعة وهم العامة والرعاع يميلون مع هؤلاء مرة ومع أولئك مرة , وهؤلاء لم يذكرهم التاريخ ولم يسطر لهم شيئا فلا حاجة لذكرهم ولكن لتوثيق حال المجتمعات.
بعد هذه المقدمة أريد أن أدلف إلى أمر شرعي بحت لا كلام لأحد فيه إلا بالدليل من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم , وتُرمى فيه (أرأيت في اليمن) كما قال ابن عمر – رضي الله عنه –.
مسألة لاكها الصغير والكبير , العالم والجاهل , طالب الحق والمبطل.
حتى جعلها بعض المفتونين أنها قول أهل السنة كلهم ولا يخالف فيها أحد ليضرب أهل السنة بأهل السنة!!!
وهي مسألة إرضاع الكبير وهل تثبت به المحرمية أم لا؟؟؟
وسأجعل الكلام هنا لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وللسادة العلماء , وسأختصر إختصاراً أسأل الله أن لا يكون مخلا , وإلا بسطه يحتاج إلى كراريس وكراريس.
وفي هذه المسألة ثلاثة أقوال مدارها على حديث عائشة – رضي الله عنها - قالت جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم , فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- «أرضعيه» , قالت وكيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال «قد علمت أنه رجل كبير».
أخرجه مسلم 4/ 168.
فالأقوال:
• أن رضاع الكبير لا ينشر المحرمية مطلقا.
• أن رضاع الكبير ينشر المحرمية مطلقا.
• التفصيل فمن كان حاله كحال سالم نشر المحرمية وإلا فلا.
وإليكم أدلة أصحاب القول الأول:
قال الله تعالى " وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ " الآية
قال ابن كثير – رحمه الله -:" هذا إرشاد من الله تعالى للوالدات أن يرضعن أولادهن كمال الرضاعة، وهي سنتان فلا اعتبار بالرضاعة بعد ذلك .. "
تفسير ابن كثير 1/ 350.
وقال ابن بطال – رحمه الله -:" فأخبر تعالى أن تمام الرضاعة حولان، فعلم أن ما بعد الحولين ليس برضاع، إذ لو كان ما بعده رضاعًا لم يكن كمال الرضاعة حولين ".
شرح صحيح البخاري 7/ 197.
وفي الآية دليل (مفهوم) على أن ما بعد الحولين ليس برضاعة وشاهده في قوله تعالى " لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ " والتمام ليس بعده شيء , وأنظر إلى لفظ التمام فهو لم يرد في القرآن على أن له بقية.
¥