تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[هل فينا مثل هذا الفامي؟]

ـ[محمد بن عيد الشعباني]ــــــــ[14 May 2010, 07:48 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه وبعد:

فقد ذكر القرطبي رحمه الله عند تفسير آية الأيمان من سورة المائدة هذه القصة الجميلة التي فيها عبر بالغة على وجازتها فقال رحمه الله:

قال ابن العربي: وكان أبو الفضل المراغي (3) يقرأ بمدينة السلام (4)، وكانت الكتب تأتي إليه من بلده، فيضعها في صندوق ولا يقرأ منها واحدا مخافة أن يطلع فيها على ما يزعجه ويقطع به عن طلبه، فلما كان بعد خمسة أعوام وقضى غرضا من الطلب وعزم على الرحيل، شد رحله وأبرز كتبه وأخرج تلك الرسائل، فقرأ فيها ما لو أن واحدا منها يقرؤه بعد وصوله ما تمكن بعده من تحصيل حرف من العلم، فحمد الله ورحل على دابة قماشه (5) وخرج إلى باب الحلبة طريق خراسان، وتقدمه الكري (6) بالدابة وأقام هو على فامي (7) يبتاع منه سفرته (8)، فبينما هو يحاول ذلك معه إذ سمعه يقول لفامي

آخر: أما سمعت العالم يقول - يعني الواعظ - أن ابن عباس يجوز الاستثناء ولو بعد سنة، لقد اشتغل بذلك بالي منذ سمعته فظللت فيه متفكرا، ولو كان ذلك صحيحا لما قال الله تعالى لايوب: " وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث " (9) [ص: 44] وما الذي يمنعه من أن يقول: قل إن شاء الله! فلما سمعه يقول ذلك قال: بلد يكون فيه الفاميون بهذا الحظ من العلم وهذه المرتبة أخرج عنه إلى المراغة؟ لا أفعله أبدا، واقتفى أثر الكري وحلله من الكراء وأقام بها حتى مات. أ.هـ

فهل فينا مثل هذا الفامي الذي يستدرك على حبر الأمة بكل أدب وتبجيل غير آخذ من ذلك سبيلا إلى النيل من شخصه أو الحط من قدره , وهل فينا مثل المراغي رحمه الله الذي استحسن ذلك واستفاده من ذلك الفامي ولم يمنعه حبه وتقديره لحبر الأمة من الإعجاب بما قاله الفامي ما دام ملتزما بالأدب والعدل والإنصاف؟ وكذلك ابن العربي حكاها معجبا بها ومثله القرطبي فرحم الله علمائنا المنصفين وهدانا للحق أجمعين.


(1) الزيادة عن ابن العربي.
(2) في ع: النية فإن حضرته نية.
الخ.
(3) نسبة إلى المراغة، وهي بلدة مشهورة من بلاد أذربيجان.
(4) مدينة السلام بغداد وقيل: سميت بذلك لان دجلة يقال لها وادى السلام وقيل: سماها المنصوربذلك تفاؤلا بالسلامة.
وتسمى أيضا بدار السلام على التشبيه بالجنة.
(معجم البلدان).
(5) القماشن: متاع البيت.
(6) الكرى: المستأجر.
(7) الفامي هاهنا الخباز.
(8) السفرة: طعام يتخذه المسافر.

ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[15 May 2010, 07:58 ص]ـ
عَنوَنَ لهذه القصةِ الشيخُ المصلحُ عبدُ الحميد بنُ باديس رحمه الله بعنوان: (العامة المتعلمة)، ثم قدّم لها بمقدمة فقال:
(إذا كانت المساجد معمورة بدروس العلم فإن العامة التي تنتاب المساجد تكون من العلم على حظ وافر، وتتكون منها طبقة مثقفة الفكر، صحيحة العقيدة، بصيرة بالدين، فتكمل هي في نفوسها ولا تهمل- وقد عرفت العلم وذاقت حلاوته- تعليم أبنائها. وهكذا ينتشر العلم في الأمة، ويكثر طلابه من أبنائها وتنفق سوقه فيها. أما إذا خلت المساجد من الدروس، كما هو حالنا اليوم -في الغالب- فإن العامة تعمى عن العلم والدين، وتنقطع علاقتها به، وتبرد حرارة شوقها إليه، فتجسوا نفسها وأبناءها وتمسي والدين فيها غريب. وقد عرف أسلافنا -رحمهم الله تعالى- هذه الحقيقة فحبسوا الأحباس الطائلة على التدريس في المساجد التدريس الديني، الجامع بين العلم والتهذيب، ولو دام ما أسسوه لكانت حالة عامتنا على غير ما نراها عليه اليوم. وفيما يلي ننقل من أحكام الإمام ابن العربي قصة تبين ما كان عليه عامة بغداد من العلم أيام كانت مساجدها معمورة بالدروس، وكان العلم منتشرا في جميع طبقاتها)
ثم أورد القصة رحمه الله. [آثار الإمام عبد الحميد ابن باديس جزء 3 صفحة 172]

ـ[محمد بن عيد الشعباني]ــــــــ[15 May 2010, 08:27 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخانا الفاضل حكيم بن منصور حفظك الله على إضافتك القيمة ونسأل الله عز وجل أن يعود للمسجد دوره في التربية والتعليم للمسلمين ورحم الله الإمام عبد الحميد بن باديس رحمة واسعة.

ـ[تيسير الغول]ــــــــ[15 May 2010, 08:54 ص]ـ
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير