تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[اتركوا الترك ما تركوكم، ودعوا الحبشة ما ودعوكم]

ـ[تيسير الغول]ــــــــ[09 Jun 2010, 09:24 م]ـ

حتى تتضح الصورة، فإن أردوغان وحكومته في تركيا المسلمة اليوم هم مسلمون يسوؤهم ما يسوؤنا ويفرحهم ما يفرحنا، وهم من أمة الإسلام؛ فلعل بعض العامة تتجه أبصارهم بعفويّة إلى تركيا اليوم حينما يقرءون حديث النبي عليه الصلاة والسلام: "اتركوا الترك ما تركوكم"، والصحيح أن هذا النهي عن تهييج الترك والحبشة ما هو إلا إخبار غيبيّ من النبيّ عليه الصلاة والسلام لأحداث لم تكن قد وقعت، وذلك بقوله صلى الله عليه وآله وسلم:

"اتركوا الترك ما تركوكم، ودعوا الحبشة ما ودعوكم".

والترك هم: جيل من الناس في الجهة الشرقية من آسيا، وقد وردت الأحاديث في ذكر صفاتهم، وأنهم عراض الوجوه، صغار العيون، دُلف الأنوف، وجوههم كأنها المجان المطرقة، وليس المقصود بهم ما اشتهر في هذا الزمان من الأتراك في تركيا، ولكن قد يكون هؤلاء من جملتهم، ولكن المقصود بهم خلق من الناس هذه صفاتهم وهم في الشرق (شرق آسيا).

ولعل هذا الحديث في النهي عن تهييجهم لما في ذلك من أن بعض جماعتهم سيخوضون في دماء المسلمين؛ حيث ورد حديث يظهر ما سيفعلونه في بلاد المسلمين، وتلك الإشارة دلّت على ما فعله التتر في دمشق وبغداد، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ الأَعْيُنِ، عِرَاضَ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ أَعْيُنَهُمْ حَدَقُ الْجَرَادِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ، يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ، وَيَتَّخِذُونَ الدَّرَقَ، حَتَّى يَرْبُطُوا خُيُولَهُمْ بِالنَّخْلِ".

وهذه الصفات هي للمغول الذين جاسوا ديار المسلمين زمن العباسيين، وقد ربطوا خيولهم فعلاً بنخل بغداد، وعلى ذلك؛ فإن الحديث عن الترك لا يخص فئة الأتراك المسلمين في هذا الزمان، فهؤلاء أصبحوا من أمة الإسلام، والخطاب موجه لهم كما هو موجه لنا، ولكن الحديث توجه إلى التتار أو المغول ووجوب الحذر منهم، وقد كان ذلك بانتصار القائد المسلم قطز عليهم في معركة "عين جالوت" الشهيرة في فلسطين، وعلى مقربة من نخل بيسان.

أما الحبشة فهم: جيل من الناس في إفريقيا، وهي بلد النجاشي، وقد نهي عن تهييجهم أيضًا، والتَّرْك والودع في الحديث بمعنى واحد، وقد ذكر التَرْك مع التُرك، ومعناه: اتركوهم ما تركوكم، وقد جاء في القرآن والسنة الأمر بقتال الكفار مطلقًا، وهذا الحديث فيه الأمر بتركهم مدة تركهم، أي: اتركوهم ما داموا تاركين لكم، وإذا اعتدوا عليكم فالدفاع أمر مطلوب، قال بعض أهل العلم: إن هذا مخصص للنصوص الدالة على قتال الكفار مطلقًا؛ وذلك لشدة بأسهم وقوتهم وحقدهم الشديد على المسلمين.

وفي رواية مستأنس بها: "اتركوا الحبشة ما تركوكم؛ فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة"، وهذا إخبار عن شدة بأسهم، ففي آخر الزمان يكون هذا الرجل منهم، وقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ذو السويقتين، وقد جاء في الحديث أن هذا الرجل يهدم الكعبة، ويقلعها حجرًا حجرًا؛ وإن التنبه واجب للأحباش لما سيفعلونه عند هدمهم الكعبة، ومعاداتهم للمسلمين في هذه الأيام، مثل الذي يحدث الآن من هجوم على بلاد المسلمين بقيادة النظام الإثيوبي الذي كان له دور خطير في الصومال وإريتريا، واحتلاله منطقة عربيّة كبيرة كانت تتبع الصومال، وهي إقليم أوجادين العربي الإسلامي؛ حيث جرى احتلاله على مراحل، وعلى مرأى من المسلمين ومسمع، فالحذر الحذر يا أمة الإسلام من الأحباش، وانتبهوا إلى ما يفعلونه في إفريقيا المسلمة تحت رعاية أمريكا ومن حالفها، وكل الحب والود والتقدير إلى أردوغان المسلم، الذي فعل ما لم يفعله العرب وراياتهم الكثيرة التي تفشل في الدبلوماسية، وتعشق الجنوح للدعة والكسل ولو كان ذلك على حساب كرامة وعزّة هذه الأمة الضائعة، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.


* [email protected] ([email protected])

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير