[دع الغيب الذي فيك يتكلم --!؟! -- في البدء تكلم الغيب الكامن فينا معترفا بالربوبية!]
ـ[خلوصي]ــــــــ[19 May 2010, 06:55 ص]ـ
دع الغيب الذي فيك يتكلم
العدد: 11 (أبريل - يونيو) 2008
http://www.hiramagazine.com/images/noktacizgi.jpg. أ. د عبد الحليم عويس http://www.hiramagazine.com/images/yildiz.gif (http://www.hiramagazine.com/archives_show.php?ID=229&ISSUE=11#alt) / أدب
http://www.hiramagazine.com/images/yazarhakkinda.gif (http://www.hiramagazine.com/author_show.php?Y_ID=26)http://www.hiramagazine.com/images/mail_write.png (http://javascript:popUpArkadas('sendtofrend.php?id=archives_show.ph p?ID=229&ISSUE=11');)http://www.hiramagazine.com/images/print.png (http://www.hiramagazine.com/print.php?ID=229)
تمت قراءة هذه المقالة 1382 مرة
http://www.hiramagazine.com/images/konular/11/13.jpg
أيها الإنسان (الكون)! ألستَ قسيم الكون؟ وهل يُعقل الكون إلا بك؟ وهل ينطق إلا بك؟ وهل يذلَّل الكون -بإذن مكون الأكوان- إلا لك.
إياك أن تزعم أنك جرم صغير، ففيك انطوى العالم الأكبر. لقد صنعك الله بيده. ونفخ فيك من روحه.
فأنت من الروح جئت، وبالروح تعيش، وبها تصنع كل أمجادك.
فالروح قبل العقل وقبل الجسد، كما أن العقل قبل المادة. وعندما تذهب منك الروح صاعدة إلى بارئها ينتهي كل شيء فيك.
في البدء كانت الروح.
ثم تمضي الحضارة إلى مرحلة العقل وتدخل عالم الأشياء. أما في مرحلة الروح فالغايات قبل الوسائل، والعام قبل الخاص، والمعاني فوق المباني، والأخلاق والمثل والأشواق العليا فوق القوانين، وفوق المعادلات الدنيوية الوضعية. حتى لو كانت هذه المعادلات في إطار العدل، فالحبّ والرحمة والإيثار فوق العدل، دون إلغاء العدل.
دع الروح تعمل فيك متعانقةً مع الوحي ..
لأنك -بهما- تصل إلى "إنسانيتك"، وبهما تنطلق إنسانيتك من إسارها فتتفجّر حكمة ونورا.
لسوف يضاء المصباح في داخلك، سيلتقي فيك الغيب والشهادة، ستنطلق حواسك إلى مناراتها لتضيء جوانب كونك الداخلي، وإشعاعاتك الخارجية. هنا قد تتحقق فيك بعض الومضات النورانية الربانية. وقد يلتقي فيك النوران: نور الغيب ونور الشهادة.
سوف يدخل المصباح إلى مشكاتك ..
فلا تستطيع الشهادة الواردة إليك أن تطفئ نور الغيب، ولا يستطيع الغيب الكامن فيك أن يشلّ فاعلية الشهادة، بل إنك سترى الأشياء على حقيقتها، لأنك سترى بنور البصر والبصيرة، وبالروح والعقل والمحسوس معاً. فكل الطاقات ستتفتّح، كما تتفتح الزهور في الربيع. وسوف يفوح منك عطر الإنسانية الربانية.
سيفقه قلبك،
ولسوف تعجب أن هناك ناساً ?لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا? (الأَعراف:179)، وستبصر عينك الأشياء وما وراء الأشياء، وسيذهلك أن هناك ناساً ?لَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا? (الأعراف:179) ..
وستلتقط آذانك كل أنغام التوحيد المبثوثة
في "سيمفونية الكون" فتعرف معنى حفيف الأشجار، وخرير الأنهار والبحار، وقطرات الأمطار، بل ربما تفهم منطق الطير، ليس بالشعور السليمانيّ الساطع، بل باللاشعور الوجداني الخافت ..
وسوف تدرك أن موسيقى الكون لا تتناشز، بل تتناغم، حتى مع العواصف والرياح. فلكلّ دورُه، ولكلّ إيقاعه ودلالته.
وما يظنه بعضهم من تناقض ونشاز إنما يعود إلى أنهم لم يفقهوا جيدا أصول الإصغاء: ?وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا? (الأعراف:179).
عندما تترك الغيب الذي فيك يتكلم، سوف تتكشف لك ألغاز كثيرة ..
سوف يدلك الغيب على حقيقة ما عجزت "الشهادة" عن تفسيره، سوف تزول عقبات الصعود، وسوف يمضي الوعي فيك إلى غايته دون قيود. كيف رأى عُمير بن الحمام رضي الله عنه أكل تمرات تساوي عمرا طويلا، فألقاها ليقطع العلاقة بالمحسوس في ساعة المفاصلة بين الشهادة والخلود. لقد أدرك الحقيقة وأراد سرعة العبور، لأن "الغيب" فيه هو الذي كان يتكلم ويعمل.
فدع الغيب الذي فيك يحمل فطرتك النقية ويتكلم ويعمل ... دعه يمرّ، واترك موازينك المحسوسة رويدا، وتمهل، وحاول أن تصعد وتحلّق.
ترك أبو بكر رضي الله عنه لأولاده الحصى، وهاجر مع النور إلى الأرض المنوّرة "ثاني اثنين" ليغنم، لأن الغيب فيه كان هو الذي يتكلم. فاترك الغيب يحمل فطرتك ويعمل.
¥