[عودة إلى السنة]
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[20 Jun 2010, 05:50 م]ـ
[عودة إلى السنة]
للشيخ محمد ناصر الدين الألباني (1)
كتب الأستاذ الفاضل صديقنا الشيخ علي الطنطاوي مقالاً مسهباًً تحت عوان " مشكلة " نشره في عدد جمادى الأولى سنة 1375 من مجلة المسلمون.
بدأ فيه فوصف أفراداً من المسلمين جعلهم أمثلة للذين يدعون الإسلام منهم ولا يعملون به، ثم تعرض لنقد طوائف نعتهم بـ " الدعاة إلى الله، الذين نرجوا بهم نصرة الإسلام، وإعادة أهله إليه ".
فبدأ بنقد " من يرى الإسلام في اتباع مذهب من المذاهب الأربعة والوقوف عندما أفتى به متأخرو فقهائه " ثم ثنى بالرد على " من يدعو إلى العودة إلى السنة " وأفاض هنا ما لم يفض في رده على غيرهم!
ثم ختم الشيخ مقاله بما خلاصته: " وهؤلاء الدعاة مختلفون أبداً، آخذ بعضهم بخناق بعض، يتناظرون أبداً ويتجادلون، يتقاذفون الردود، لا في مصر والشام والعراق وحدها، بل في بلاد الإسلام جميعاً. . . والإسلام الذي جاء به محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- واحد، له مفهوم واحد، فعلام هذا الاختلاف؟. . . ".
" وأنا لا أقول بتوحيد الأفهام ومنع الاختلاف، فما أظن أن هذا يكون (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة)، ولكن الذي أقوله هو وجوب الاتفاق على الأسلوب الذي ندعو به إلى الاسلام، والصورة التي نعرضها له على التلاميذ في المدارس، والعامة في المساجد، والأجانب في بلاد الغرب لنقول لهم هذا هو أساس الإسلام، وهذه أركانه، وهذا طريق الدخول فيه، لا نفاجيء واحداً من هؤلاء بالخلاف في فهم مشكلات الآيات، ولا الاجتهاد والتقليد، ولا نبدؤهم بمستحدثات المتصوفة وقوانين الطرق، ولا نحملهم على الآراء الفردية التي لا يقرها الجميع ".
" فما هو الأسلوب (العملي) الممكن للوصول إلى هذه الغاية؟ هل يكون ذلك بمؤتمر لعلماء المسلمين، أم يتولاه معهد من المعاهد العلمية، أو يقوم به واحد من المسلمين؟ ما هو الأسلوب؟ ".
وللجواب عن سؤال الأستاذ نسوق هذا المقال فنقول:
1 - لا اتفاق على الأسلوب قبل الاتفاق على الهدف: (الإسلام)
إن الذي يقرأ مقال الشيخ بتدبر وإمعان، يظهر له أن فيه فجوة تركها الشيخ دون أن يملأها ببيانه، ذلك أنه بعد أن عرض " المشكلة " عرضاً بيناً قفز إلى الدعوة إلى وضع أسلوب عملي للدعوة إلى الإسلام، والمنطق يشهد أنه كان من الواجب بعد عرض المشكلة التحدث عن طريقة حلها أو على الأقل دعوة العلماء إلى حلها، ثم بعد ذلك يأتي دور الدعوة إلى وضع أسلوب عملي للدعوة إلى الإسلام، لأنه من البدهي أنه مادام الدعاة إلى الإسلام مختلفين في فهم الإسلام ذلك الاختلاف الذي وصفه الشيخ وهو في الواقع أكثر مما وصف! فإنه من غير الممكن أن يتفق هؤلاء على الأسلوب العملي، كيف وهم لم يتفقوا على فهم الهدف (الإسلام)؟
ولو فرضنا أنهم اتفقوا على أسلوب ما، فلن يؤدي بهم إلى الدعوة إلى " إسلام واحد له مفهوم واحد "، بل سيدعو كل منهم إلى الإسلام الذي فهمه هو، أو تلقاه عن آبائه ومشايخه، وبذلك تعود المشكلة كما هي دون أن نستفيد من أسلوب الدعوة شيئاً لو تمكنوا من وضعه!
إذن لابد من وضع حل لهذه " المشكلة " فما هو؟ وأين هو؟
2 - حل المشكلة بالرجوع إلى السنة:
لا شك أن المفروض في الدعاة إلى الله تعالى أن يكونوا من أطوع الناس لله تعالى، وأسرعهم مبادرة إلى تطبيق أحكامه عز وجل، فإذا كانوا مختلفين في فهم الإسلام فمن الواجب عليهم أن يحتكموا إلى ما أمر الله به، من الرجوع إلى السنة، لأنها هي التي تفسر القران، وتوضحه، وتبين مجمله، وتقيد مطلقه، كما يشير لهذا قوله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) وقد قال عز وجل: (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا).
فهذه الآية الكريمة صريحة في أن من كان مؤمناً حقاً رجع عند الاختلاف إلى حكم الله عز وجل في كتابه، وبيان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سنته، وأن الرجوع إليهما يرفع الخلاف، فوجب بنص هذه الآية على الدعاة أن يرجعوا إلى السنة الكريمة ليرفعوا الخلاف بينهم.
¥