حول هذا الحديث
يوضح فيه ما أردت توصليه
بجميل بيانه
يقول رحمه الله:
جمع في هذا الحديث بين الغيرة التي أصلها كراهة القبائح وبغضها، وبين محبة
العذر الذي يوجب كمال العدل والرحمة والإحسان، والله سبحانه -
مع شدة غيرته –
يحب أن يعتذر إليه عبده، ويقبل عذر من اعتذر إليه،
وأنه لا يؤاخذ عبيده بارتكاب ما يغار من ارتكابه حتى يعذر إليهم،
ولأجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه إعذارا وإنذارا،
وهذا غاية المجد والإحسان، ونهاية الكمال.
فإن كثيرا ممن تشتد غيرته من المخلوقين
تحمله شدة الغيرة على سرعة الإيقاع
والعقوبة من غير إعذار منه،
ومن غير قبول لعذر
من اعتذر إليه، بل يكون له في نفس الأمر عذر ولا تدعه شدة الغيرة
أن يقبل عذره، وكثير ممن يقبل المعاذير يحمله على قبولها قلة الغيرة
حتى يتوسع في طرق المعاذير، ويرى عذرا ما ليس بعذر،
حتى يعتذر كثير منهم بالقدر، وكل منهما غير ممدوح على الإطلاق.
وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
إن من الغيرة ما يحبها الله، ومنها ما يبغضها الله، ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=31&idto=31&bk_no=120&ID=32#docu)
فالتي يبغضها الله الغيرة من غير ريبة ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=31&idto=31&bk_no=120&ID=32#docu) وذكر الحديث.
وإنما الممدوح اقتران الغيرة بالعذر،
فيغار في محل الغيرة،
ويعذر في موضع العذر
، ومن كان هكذا فهوالممدوح حقا.
ولما جمع سبحانه صفات الكمال كلها كان أحق بالمدح من كل أحد،
ولا يبلغ أحد أن يمدحه كما ينبغي له، بل هو كما مدح نفسه وأثنى على نفسه
، فالغيور قد وافق ربه سبحانه في صفة من صفاته،
ومن وافق الله في صفة من صفاته
قادته تلك الصفة إليه بزمامه،
وأدخلته على ربه، وأدنته منه،
وقربته من رحمته،
وصيرته محبوبا،
فإنه سبحانه رحيم يحب الرحماء،
كريم يحب الكرماء،
عليم يحب العلماء، قوي يحب المؤمن القوي، وهو أحب إليه من المؤمن الضعيف،
حتى يحب أهل الحياء، جميل يحب أهل الجمال، وتر يحب أهل الوتر.
ولو لم يكن في الذنوب والمعاصي إلا أنها توجب لصاحبها ضد هذه الصفات
وتمنعه من الاتصاف بها لكفى بهاعقوبة، فإن الخطرة تنقلب وسوسة،
والوسوسة تصير إرادة، والإرادة تقوى فتصير عزيمة، ثم تصير فعلا،
ثم تصير صفة لازمة وهيئة ثابتة راسخة، وحينئذ يتعذر الخروج منهما
كما يتعذر الخروج من صفاته القائمة به.
ـ[خلوصي]ــــــــ[05 Jun 2010, 11:06 م]ـ
ما أجمل هذه المعاني .. بارك الله فيكم أخي الكريم ... لي عودة بإذن الله.