في قوله تعالى: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنْ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ ءَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (143) الأنعام.
وفي قوله تعالى: (وَمِنْ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ ءَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ (144) الأنعام.
الأنعام من نعم الله تعالى، خلقها منفعة للناس؛ بلحمها، ولبنها، وجلودها، وأصوافها وأشعارها وأوبارها، وما تؤديه من أعمال، وحمل الإنسان ومتاعه.
والتحريم هو قطع المنفعة بها، أو ببعض منافعها، وما اشتملت عليه الأرحام مقطوع عنه العمل بالتحريم والإبعاد حتى يخرج منها، فعلى ذلك كتبت موصولة، وقوَّى المعنى إدغام الميم في الميم لتصبح ميمًا واحدة محصورة، قد انحصرت دلالة الإحاطة والغلبة فيها.
ووصلت في قوله تعالى: (قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ءَاللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) النمل.
سؤال استفهام إنكاري لمن يشرك بالله: الله خير أم ما يشركون؟!
وما يشركون به، هو موصول بهم في اعتقادهم وعبادتهم له، ومطلوب منهم في هذا السؤال مراجعة أنفسهم، ولو أنهم قرروا أن الله خير؛ لما أشركوا به، ولما داموا على شركهم، وما هم عليه، وعلى ذلك كان الرسم بالوصل لا القطع.
ولا تدخل فيها "أمَّا" الشرطية حيث هي تعد كلمة واحدة؛
كقوله تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) الضحى.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة التاسعة والعشرون: وصل أمّاذا
وردت "أماذا" مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (84) النمل.
وهي مكونة من أم: لطلب التعيين، وما: للاستفهام، وذا: اسم إشارة.
"أماذا" سؤال للتبكيت فيما هو معلوم؛ على تكذيبهم من قبل أن يحيطوا علمًا بما أمروا به، وعملهم بالتكذيب،
و"ذا" هو اسم إشارة لما هو موجود، والموجود يومئذ هو عملهم؛
كما قال تعالى: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) الكهف.
فعملهم يومئذ متصل بهم، وأحصي عليهم، ولا مفر لهم مما صغر منه أو كبر؛ وعلى ذلك جاء الرسم بالوصل.
وأصبحت ميما الإحاطة ميمًا واحدة محصورة؛ فانحصرت معها الإحاطة بالعمل، فلا يد لهم عليه لتغييره أو تعديله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الثلاثون: وصل نِعِمَّا
وردت "نِعِمَّا" مرتان؛
في قوله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) البقرة.
في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) النساء.
"نعم" حرف ماض جامد مخصوص بالمدح، اتصل باسم الموصول "ما" الذي يدل في الآية الأولى على الصدقات، والعدل وأداء الأمانات في الآية الثانية؛ وكلها مما يلازمها المدح ولا يفارقها؛ وعلى ذلك جاء الرسم بالوصل لا القطع.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الحادية والثلاثون: وصل عمّ
وردت "عَمَّ" في موضع واحد فقط؛
في قوله تعالى: (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) النبأ
"عمَّ" مكونة من حرف الجر: "عَنْ"، ومن اسم الاستفهام: "مَا"؛ وقد أدغمت النون في الميم، وحذفت من الرسم، ثم حذفت ألف ما.
ما يسألون عنه؛ هو يوم القيامة، مستبعدين قيامه بعد الموت، هو متصل به، ولا مفر لهم منه، ومحيط بهم.
¥