[نكتة بلاغية (أرجو التصحيح) ..]
ـ[أبو عادل]ــــــــ[24 - 06 - 2009, 01:23 م]ـ
قال تعالى:"ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم" إلى أن قال جل وعلا: "يغفر لكم ذنوبكم .. " الآية.
وقال في سورة نوح:"قال ياقوم إني لكم نذير مبين" إلى أن قال:"يغفر لكم من ذنوبكم"
ياترى ما السر في مجيء (من) في الآية الثانية؟
حاولت أن أتأمل فاستنتجت أن الآية الأولى كلام الله تعالى مخاطباً المؤمنين مباشرة؛ والله أكرم الأكرمين، فلم يذكر (من) التبعيضية، فهو سبحانه يغفر كل الذنوب، كما قال تعالى "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً"
أما الآية الثانية فهي كلام الله على لسان نوح عليه السلام، وهو بشر فلما عرض عليهم نتائج وثمرات الإيمان لم يقل لهم إن الله يغفر جميع الذنوب، بل قال "من ذنوبكم"
هذا ما ظهر لي، وأنا في انتظار آرائكم، وحاشا لله أن أتكلم في القرآن بباطل، لكن حسبي أنني تفكرت وتأملت وهذا من مقاصد القرآن، إذ التدبر ليس مقصورا على أحد ..
والله أعلم،،
تحياتي ..
ـ[ابوعلي الفارسي]ــــــــ[24 - 06 - 2009, 05:39 م]ـ
قال الفخر الرازي في تفسيره الكبير: وأما قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} [نوح: 4] فقد بينوا أنه يفيد فائدة زائدة فكأنه قال يغفر لكم بعض ذنوبكم، ومن غفر كل بعض منه فقد غفر كله.
وقال أيضا: المسألة الثالثة: لما أقام الدلالة على وجود الإله بدليل كونه فاطر السموات والأرض وصفه بكمال الرحمة والكرم والجود وبين ذلك من وجهين، الأول: قوله: {يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} قال صاحب «الكشاف»: لو قال قائل ما معنى التبعيض في قوله من ذنوبكم، ثم أجاب فقال: ما جاء هكذا إلا في خطاب الكافرين، كقوله: {أَنِ اعبدوا الله واتقوه وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} [نوح: 3، 4]. {ياقومنا أَجِيبُواْ دَاعِىَ الله وَءامِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذنوبكم}
وقال أيضا: المسألة الأولى: قال بعضهم كلمة {مِنْ} ههنا زائدة والتقدير: يغفر لكم ذنوبكم، وقيل بل الفائدة فيه أن كلمة {مِنْ} ههنا لابتداء الغاية، فكان المعنى أنه يقع ابتداء الغفران بالذنوب، ثم ينتهي إلى غفران ما صدر عنكم من ترك الأولى والأكمل.
وقال أيضا: السؤال الأول: ما فائدة {مِنْ} في قوله: {يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ}؟ والجواب من وجوه أحدها: أنها صلة زائدة والتقدير يغفر لكم ذنوبكم والثاني: أن غفران الذنب هو أن لا يؤاخذ به، فلو قال: يغفر لكم ذنوبكم، لكان معناه أن لا يؤاخذكم بمجموع ذنوبكم، وعدم المؤاخذة بالمجموع لا يوجب عدم المؤاخذة بكل واحد من آحاد المجموع، فله أن يقول: لا أطالبك بمجموع ذنوبك، ولكني أطالبك بهذا الذنب الواحد فقط، أما لما قال: {يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} كان تقديره يغفر كل ما كان من ذنوبكم، وهذا يقتضي عدم المؤاخذة على مجموع الذنوب وعدم المؤاخذة أيضاً على كل فرد من أفراد المجموع الثالث: أن قوله: {يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} هب أنه يقتضي التبعيض لكنه حتى لأن من آمن فإنه يصير ما تقدم من ذنوبه على إيمانه مغفوراً، أما ما تأخر عنه فإنه لا يصير بذلك السبب مغفوراً، فثبت أنه لا بد ههنا من حرف التبعيض.
وقال الزمخشري في الكشاف: فإن قلت: ما معنى التبعيض في قوله: من ذنوبكم؟ قلت: ما علمته جاء هكذا إلا في خطاب الكافرين، كقوله: {واتقوه وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} [نوح: 3 - 4]، {ياقومنا أَجِيبُواْ دَاعِىَ الله وَءامِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذنوبكم} [الأحقاف: 31] وقال في خطاب المؤمنين: {هَلْ أَدُلُّكمْ على تجارة تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف: 10] إلى أن قال {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الصف: 12] وغير ذلك مما يقفك عليه الاستقراء، وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين، ولئلا يسوي بين الفريقين في الميعاد، وقيل: أريد أنه يغفر لهم ما بينهم وبين الله، بخلاف ما بينهم وبين العباد من المظالم ونحوها.
¥