تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[] [الاستعارة في القرآن الكريم] []

ـ[طالب عِلم]ــــــــ[16 - 10 - 2009, 02:26 ص]ـ

[[مِن روائع الإستَعارة في القرآن الكريم]]

لا أعلم أيها الأخوَة إن كنت قد اخترْتُ القِسمَ المُناسِب للموضوع هذا أم لا.

ثمّ لا أعلم ما إذا كانَ موضوعي هذا مُكرّرٌ أم لا. فإذا كانَ كذلك فأرجو حذفه حتى لا يضيع جُهدُ مَن كتبَهُ قبلي.

قال تعالى: (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ) / يس: 37

أُستُعيرَ في الآية الكريمة: بكلَِمة " السلخ " وهو كشط

الجلد عن الشاةِ ونحوِها، لإزالة ضوء النهار عن الكون قليلاً قليلاً؛ بجامع ما يترتب

على كل مِنهُما مِن ظهور شيءٍ كانَ خافياً، فبكشط الجِلد يظهَرُ لحْمَ الشاةِ،

وبغروب الشمس تظهَر الظلمة التي هي الأصل والنورُ طاريءٌ عليها، يسترها

بضوئه. و هذا التعبيرُ الفني يُسمّيهِ البُلَغاءُ بـ" الاستعارة التصريحية التبعية ".

استعارة رائعة وجملية، إنها بنظمها الفريد وبإيحائها وظلِها وجرسِها قد رسَمَت

منظراً بديعاً للضوءِ وهو ينحسِرُ عنِ الكونِ قليلاً قليلاً وللظلام وهو يدب إليه في بطء.

إنها قد خلَعَت على الضوء والظلام الحياة، حتى صارا كأنهُما جيشان يقتتلان؛

قد أنهَزَمَ أحدهما فولى هارباً، وترَكَ مكانَهُ للآخَر!

تأمل اللفظة المستعارة وهي: " نسلخ "؛ إنّ هذه الكلمة هي التي قد

استقلّت بالتصوير والتعبير داخل نظم الآية المعجز فهل يصلح مكانها غيرها؟

قال تعالى: (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) / التكوير: 18 - استعير في الآيةِ الكريمة

خروج النفسِ شيئاً فشيئاً لخروجِ النور من المشرق عند انشقاق الفجر قليلاً قليلاً

بمعنى النفَس، تنفّس بمعنى خرَجَ النورُ مِنَ المشرقِ عندَ انشقاقِ الفجر.

استعارة قد بلَغَت مِنَ الحُسْنِ أقصاه، وترَبّعَت على عرش الجمال بنظمها

الفريد، إنها قد خلعَت على الصبحِ الحياة حتى صار كائناً حَيّاً يتنفّس،

بل إنساناً ذا عواطفٍ وخلَجاتٍ نفسِيّةٍ، تشرُقُ الحياةُ بإشراقٍ مِن ثغره

المُنفرج عن ابتسامةٍ وديعة، وهو يتنفس بهدوء، فتتنفس معَهُ الحياة،

ويدبُّ النشاطُ في الأحياءِ على وجه الأرضِ والسماء.

أرأيت أعجَبَ مِن هذا التصوير .. وأمتَع من هذا التعبير؟!

ثم تأمل اللفظة المستعارة وهي: " تنفّس " أنها بصوتِها الجميل وظلها

الظليل، وجرسِها الساحِر قد رسَمَت هذه الصورة البديعة في إطار نَظْم الآيَة المعجزة.

فهل مِن ألفاظ اللغة العربية على كثرتها يؤدي ما أدّتهُ، ويُصوِّرُ ما صَوّرَته؟!!

قال تعالى: (إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ) / الحاقة:11.

استعير في الآية الكريمة " الطُغيان " للأكثر الماء بجامع الخروج عن

حَدِّ الاعتدال والإستِعارة المفرط في كل منها.

ثم اشتق مِن الطغيان: " طغى " بمعنى كثُرَ.

استعارة فريدة لا توجد في غير القرآن إنها تصوِّرُ لك الماءَ إذا كثُرَ وفارَ

واضطربَ بالطاغية الذي جاوَزَ حَدّه، وأفرَطَ في استعلائه.

أرأيت أعجبَ مِن هذا التصوير الذي يخلَعُ على الماء صِفات الإنسان الآدمي؟!!

ثم تأمّل اللفظة المُستَعارة: " طغى " .. إنها بصوتها وظلها وجرسها إيحائها قد

استقلّت برسم هذه الصورة الساحرة في إطار نظم الآية المُعجِز.

قال تعالى: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) / الحجر: 94.

استعير في الآية الكريمة:" الصدع " وهو كسر الزجاج للتبليغ بجامع

التأثير في كل منهما أما في التبليغ فلأن المبلغ قد أثر في الأمور المبلغة

ببيانها بحيث لا تعود إلى حالتها الأولى من الخفاء، وأما في الكسْر فلأنّ فيهِ

تأثيرٌ لا يعودُ المَكسورُ معَهُ إلى الإلتئام.

ثم اشتقَّ مِنَ الصدْع معنى التبليغ اصدع بمعنى بلغ، استعارة رائعة وجميلة.

إنها تبرز لك ما أمَرَ بهِ الرسول عليه الصلاةُ والسلام في صورة مادة يشق بها

ويصدع. إنها تبرز لك المعنى المعقول في صورةٍ حِسِيّةٍ مُتحرِّكةٍ كأنكَ تراها

بعينك وتلمسُها بيدِك!

تأمل اللفظة المُستعارة " اصدَع " إنها بصورتها وجرسها وإيحائها قد

استقلّت برسم هذه الصورة الفرديّة المؤثرة؛ إذ أنّ مَن يقرأها يُخَيَّلُ إليهِ أنهُ

يسمَعُ حركةَ هذهِ المادّةُ المصدوعةُ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير