تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ)

ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 05 - 2009, 01:58 م]ـ

من قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)

فرعا عما تقدم من الصفح على القول بأن ذلك كان زمن تحريم الجهاد، فالعبد مأمور في أزمنة الاستضعاف بشخذ الهمة الإيمانية بصنوف العبادات القلبية والبدنية، مصداق قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)، وقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا)، على القول بأن الآية منسوءة إذ للاستضعاف أحكامه، وللقوة أحكامها، فخلق المستضعف الجمال بلا ضعة أو مذلة تأليفا لقلب المخالف، وخلق القوي الممكن الجلال بلا ظلم أو تعد، ولكل مقام مقال.

وذكر الصلاة فرعا عن أصل عبادات الأبدان وذكر الزكاة فرعا عن أصل عبادات الأموال، ولما كان الخطاب متوجها لمن حقق الجانب القلبي تصديقا وإقرارا يقتضي الامتثال أو عقد العزم عليه إذا جاء التكليف، لما كان ذلك: صارت الآية دليلا على تجزؤ الإيمان قلبا وقالبا، وزيادته ونقصانه امتثالا وإعراضا، و: "أل" في: "الصلاة" و: "الزكاة": عهدية تشير إلى الفريضة منهما، بقرينة مدنية الآية إذ قد شرعت معظم الأحكام في الفترة المدنية بعد استقرار حكم النبوة فيها، فصارت أهلا لسن الشرائع الإلهية المنصورة بحديد الجهاد الدافع بداية، الطالب نهاية لما قويت الشوكة وتمكن الأصحاب، رضي الله عنهم، فرعا عن تحقيق شرط التمكين: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)، ومن أصدق من الله موعدا؟!.

وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ:

من خير: نكرة في سياق نفي مؤكد بـ: "من" فيعم كل صنوف الخير بقيد الإخلاص والمتابعة فهما قيدان عهديان في كل طاعة إذ لا يقبل من العمل إلا الخالص لوجه الباري، عز وجل، الصواب على سنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وفي قوله: "لأنفسكم": إشارة إلى استغناء الباري، عز وجل، عن طاعة الطائع، فلا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، فلو آمن أهل الأرض كلهم جميعا ما زاد ذلك في ملكه شيئا، ولو كفروا ما نقص ذلك من ملكه شيئا، فيا أيها المدل بطاعته المغرور بما فتح الله، عز وجل، عليه من صنوف العلوم والأعمال: رفقا بنفسك وإلا وكلت لها فضيعتك، وصارت متكأك فهويت، فالرب، عز وجل، مصرف القلوب، إن شأء أقامها فضلا، وإن شاء أزاغها عدلا، وبانفساخ الهمم عرفت عظمته، وبتحول القلوب علم جبروته، فالمستعين بغيره مخذول، والمستغني بغيره فقير، والموكول إلى غيره هالك في أودية الضلال. و: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير