[سؤالي بلاغي في سورة النساء]
ـ[حسين حبيب]ــــــــ[29 - 09 - 2009, 12:52 م]ـ
السلام عليكم
قال تعالى: لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الاخر اولئك سنؤتيهم اجرا عظيما
ما هو وجه البلاغة في كلمتي " المقيمين والمؤتون "
ولماذا لم ياتي بدله كلمتي " المقيمي والمؤتوا "
ممكن التوضيح مع الشكر الجزيل
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[29 - 09 - 2009, 05:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نصبت المقيمين على المدح تنبيها على خصوصية الصلاة وفضل إقامتها وأدائها على الوجه الصحيح.
إضافة المقيمين إلى الصلاة لو قيل المقيمي الصلاة، وكذلك إضافة المؤتون إلى الزكاة لو قيل المؤتو الزكاة، إضافة لفظية لا تفيد سوى التخفيف اللفظي بحذف النون، وربما - والله تعالى أعلم بمراده - كان بقاء النون هنا (في المقيمين والمؤتون) يعطي جمالا صوتيا وجرسا نغميا للتشاكل بين الكلمات (الراسخون، المؤمنون، يؤمنون، والمؤمنون) وقد جمع كلام ربنا جمال المعنى والشكل.
هذا والله تعالى أعلم بمراده، وأستغفره تعالى إن كان في قولي جرأة على القول في كلامه بالرأي.
ـ[ابوعلي الفارسي]ــــــــ[29 - 09 - 2009, 07:29 م]ـ
قال الدكتور السامرائي في لمساته البيانية:
لماذا جاءت كلمة (المقيمين) منصوبة في قوله تعالى (لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً {162})؟
الآية جاءت في سورة النساء وهذا ما يُعرف بالقطع في القرآن الكريم. والقطع يكون في النعوت وفي المتعاطفات. يُقطع مع المرفوع منصوب أو هذا منصوب فيأتي بصيغة مرفوعة أو منصوبة فنقول: مررت بزيدٍ العالمِ، العالمُ، العالمَ) وهذا يُسمى قطع في النعت.
القطع في العطف يُقطع الأمر المهم في المدح وهي تدلّ على أن الأمر المقطوع هو أمدح أو أخصّ وفي الآية التي بين أيدينا (المقيمين الصلاة) هم أعلى المذكورين والصلاة هي أعلى العبادات. (والمقيمين الصلاة) معطوفة على مرفوع (لكن الراسخون في العلم) هي الأصل و (المقيمين الصلاة) نصب على رفع أما باقي المعطوفات فهي مرفوعة (والمؤتون الزكاة، والمؤمنون بالله، والمؤمنون).
وقال في موضع آخر:
القطع أكثر ما يكون في أمرين: في النعت والعطف بالواو. والقطع هو تغيير الحركة التي ينبغي أن يكون عليها التابع. الأصل في الصفة (النعت) أن يتبع الموصوف بالإعراب (مرفوع - مرفوع، منصوب - منصوب، أو مجرور - مجرور. أما الأصل في العطف بالواو أن يتبع المعطوف بالواو ما قبله بالحركة الإعرابية.
أحياناً تغيّر العرب الحركة فتأتي بعد المرفوع بمنصوب وبعد المنصوب بمرفوع وبعد المجرور بالرفع أو النصب (في النعت) وعندما تتغير الحركة يتغير الإعراب. مثال على النعت:
أقبل محمد ٌ الكريمَ - رأيت محمداً الكريمُ - مررت بمحمدٍ الكريمُ أو الكريمَ
وهذا الأمر يجري في العطف أيضاً كما في قوله تعالى (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين) (لكن الراسخون في العلم والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة) المقيمين (قطع)
لماذا يستخدم أسلوب القطع؟ هو ليس بالأصل أسلوباً قرآنياً ابتدعه القرآن لكنه أسلوب عربي موجود في اللغة، والقطع له شروط لكن لماذا تقطع العرب؟ تقطع العرب لسببين:
الأول: لتنبيه السامع وإيقاظ ذهنه إلى الصفة المقطوعة، والمفروض في الصفة أن تأتي تابعة لحركة الموصوف فإذا تغيرت الحركة انتبه السامع. وهذا دليل على أن الموصوف قد بلغ حداً في هذه الصفة يثير الاهتمام ويقتضيه.
¥