تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من آي التنزيل]

ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 08 - 2009, 07:38 ص]ـ

كل عام وأنتم بخير أيها الكرام.

متأخرة بعض الشيء لظروف الاتصال!، وذلك من المقدور الكوني الذي لا يرد، فالحمد لله على ما قضى وقدر.

بعض آيات علقت عليها بعض الفوائد في هذا الشهر الكريم أسأل الله، عز وجل، أن ينفعني وإياكم بها.

فمن ذلك:

قوله تعالى: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).

فالقصر بالنفي والاستثناء: قصر حقيقي، إذ لا يخرج شيء من المقدورات الكونية عن حد المشيئة الإلهية، فدلالة "لن" على التأبيد في هذا الموضع مستفادة من قرينة خارجية هي عموم قضاء الله، عز وجل، الكوني، لكل مقدوراته على جهة الحتم والنفاذ، فلا راد لقضائه الكوني النافذ، وإن خرجت نفوس كثير من المكلفين عن حد قضائه الشرعي الحاكم.

وفي "لنا": مئنة من رضا المصاب، ولو كان المقدور في ظاهره شرا، فإنه له، إن صبر واحتسب، فهو شر باعتبار الحال، خير باعتبار المآل، إذ به يستخرج خبث النفوس، فتطهر بِكِير البلاء، وتقبل على رب العباد، فالبلاء يجمع بين العبد وربه على حد التخشع الذي به تحصل النجاة فكم من نعمة كانت سببا في هلاك صاحبها، وكم من نقمة كانت سببا في نجاة صاحبها، ولله، عز وجل، من كمال الحكمة والقدرة والرحمة بعباده ما لا تحيط به مدارك العقول البشرية.

فـ: "هو مولانا": على حد القصر بتعريف الجزأين، فتقديره: الله مولانا: ولاية النصرة والتأييد، ولاية الملك والتدبير، فلا مولى لنا غيره. وهو مولانا فلا تتحرك قلوبنا ولا تنهض أبداننا إلا إلى نصرة دينه، إذ ذلك لازم الولاية الإيمانية.

فولاية الرب للعبد: ولاية تفضل وامتنان سواء أكانت عامة فهي للمؤمن والكافر، فكلاهما إلى إنعامه فقير، فبكلماته الكونيات وجدوا، وبها جرت الأسباب بما يحفظهم.

أم خاصة لعباده المؤمنين فلازمها النصرة والتأييد على حد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم أحد في معرض الرد على أبي سفيان، رضي الله عنه، وكان يومئذ على الشرك، بل كان رأسه: الله مولانا ولا مولى لكم.

وولاية العبد للرب: ولاية تأله بالشرع الحاكم، فالتزامه مئنة من كمال المحبة، إذ المحب لمن يحب مطيع.

وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ:

تذييل يناسب مقام التسليم بعد وقوع المصاب على حد الكيس لا العجز، فعليه، وحده، عز وجل، يتوكل المؤمنون في الصبر على المقدور، إن لم تتيسر لهم أسباب رفعه، وعليه وحده، يتوكلون إذا باشروا الأسباب مدافعة للقدر بقدر مثله، فتلك طريقة الأكياس الذين فقهوا باب القدر: فامتثلوا الشرعي ودافعوا الكوني، ولكل مقام مقال.

قال ابن القيم، رحمه الله، في "طريق الهجرتين" في معرض بيان أحكام الله عز وجل:

"بل الأَحكام ثلاثة:

حكم شرعي ديني، فهذا حقه أَن يتلقى بالمسالمة والتسليم وترك المنازعة، بل بالانقياد المحض، وهذا تسليم العبودية المحضة فلا يعارض بذوق ولا وجد ولا سياسة ولا قياس ولا تقليد، (وهذا أصل طالما نبه عليه المحققون من أهل العلم، فقد كمل هذا الدين وبلغ الغاية فلم يدع لأتباعه حاجة إلى قياس عقلي أو وجدان ذوقي أو رأي فقهي أو حكم سياسي ملوكي بمعزل عن الوحي الشرعي، بل لا يقبل من تلك إلا ما وافق التنزيل، فهو الحاكم على غيره، وهو المتبوع على حد التسليم والانقياد)، ولا يرى إِلى خلافه سبيلاً ألبتة، وإِنما هو الانقياد المحض والتسليم والإذغان والقبول فإذا تلقى بهذا التسليم والمسألة إقراراً وتصديقاً بقي هناك انقياد آخر وتسليم آخر له إِرادة وتنفيذاً وعملاً، فلا تكون له شهوة تنازع مراد الله من تنفيذ حكمه، كما لم تكن له شبهة تعارض وإِقراره، (وتلك أبرز أسباب فساد أحوال البشر: الشبه العلمية التي تفسد قوة التصور العلمية والشهوات التي تفسد قوة الحكم العملية، وغالبا ما يقترنان كحال أرباب المحدثات في الدين فلا تنفك البدع العلمية عن بدع عملية تتفرع عنها، ولا تنفك البدع العملية عن بدع علمية تتفرع منها)، إِيمانه وهذا حقيقة القلب السليم الذي سلم من شبهة تعارض الحق وشهوة تعارض الأَمر، فلا استمتع بخلاقه كما استمتع به الذين يتبعون الشهوات، ولا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير