تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا .... )

ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 07:53 ص]ـ

من قوله تعالى: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ):

أي كلماته عز وجل: إذ الإضافة تفيد العموم، فكلماته، عز وجل، لا حد لها، فمنها: الشرعيات التي جاءت بها النبوات: كلمات الأمر والنهي التي يكون بها صلاح الأديان والأبدان، ومنها: الكونيات فـ: (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)، وكل شأن منها يكون بكلمة تكوينية نافذة، فمن شاء أحياه فقدر إحياءه ومن شاء أماته فقدر إماتته بكلمة تكوينية ثانية .......... إلخ، وفي التنزيل: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)، و: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، وذلك مما استدل به على أن كلام الله، عز وجل، والقرآن منه، إذ هو من أفراد كلماته الشرعيات، مما استدل به على أن كلامه، عز وجل، غير مخلوق إذ لا يحيط المخلوق به كتابة وسطرا، بخلاف كلام البشر الذي يمكن تسجيله إذ هو مما ينفد، ومما يحد كأي مخلوق محدود، بخلاف الرب، جل وعلا، فإن الحد منفي عنه باعتبار الإدراك، على حد قوله تعالى: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)، فلا تدرك الأبصار ذاته القدسية وإن كانت تراه في دار النعيم، ولا تدرك الأسماع كلامه وإن كانت تتلوه وتنظر إليه في المصاحف عبادة وقربة، فالقرآن العظيم بعض كلامه، إذ كلامه، كما تقدم: كوني وشرعي، والقرآن بعض كلامه الشرعي، فكلامه، عز وجل، كأي صفة من صفاته: فرع عن ذاته القدسية، فإن كان العقل والبصر لا يحيط بالذات علما، فكذلك أوصافه ومنها الكلام لا يحيط الخلق بها، وإن علموا منها ما شاء الله، عز وجل، أن يعلمهم، على حد قوله تعالى: (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ)، فذلك فضله على عباده أن جاءت النبوات من عنده بالخبر الصادق عن ذاته القدسية وأوصافه العلية، وحكمه العادل: مقتضى ألوهيته الشارعة فرعا عن ربوبيته العاملة الشاملة. فكمال ربوبيته على جهة الإخبار الصادق: (صدقا) فرع عن كمال أوصافه الذاتية والفعلية، وكمال ألوهيته على جهة إحكام الأحكام التي بها يكون التأله: (عدلا)، كمالها فرع عن كمال ربوبيته، فانتظمت الآية أنواع التوحيد الثلاثة:

الصفات والذات: إذ الكلمات منها وتمامها صدقا وعدلا فرع عن كمال الذات القدسية.

والربوبية: إذ الكلمات منها الكلمات الكونيات التي يكون بها هذا العالم أعيانا وأفعالا، فربوبيته عامة، كما تقدم، لكل الموجودات، فبكلماته يكون الخلق والرزق والتدبير .......... إلخ من أفعال ربوبيته عز وجل.

والألوهية: إذ الكلمات منها الكلمات الشرعيات: كلمات الأمر والنهي التي بها يكون التكليف الشرعي، فالأحكام التكليفية من إيجاب وندب وإباحة ......... إلخ هي خطابه إلى عباده أمرا ونهيا: إلزاما في الإيجاب والتحريم، ورجحانا للفعل من غير إلزام في الندب، ورجحانا للترك من غير إلزام في المكروه، وتخييرا في المباح.

والإضافة في: (كَلِمَةُ رَبِّكَ): إضافة صفة إلى موصوف: إذ الكلمات فرع عن الذات، كما تقدم، فكمال كلماته خصوصا وأوصافه عموما فرع عن كمال ذاته الأزلي الأبدي.

لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ:

إما على سبيل الإخبار، فيكون المراد كلماته التكوينيات النافذات، إذ لا يقدر أحد على إبطالها، فما شاء الله كان، وإن اجتمع أهل الأرض على إعدامه، وما لم يشأ لم يكن وإن اجتمع أهل الأرض على إيجاده.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير