[من أين أتت فكرة المجاز وممن نقلها المتكلمون؟؟]
ـ[أبو فهر]ــــــــ[21 - 07 - 2009, 04:55 م]ـ
الحقيقة والمجاز في كتب الفلاسفة
1 - كتاب الخطابة والشعر لأرسطو
قال النديم في ((الفهرست)) كتاب الخطاية لأرسطو طاليس , يصاب بنقل قديم ,رأيت أحمد بن الطيب هذا الكتاب نحو مائة ورقة بنقل قديم (1) , اهـ ووجدت نسخة من نقل عربي لكتاب الخطابة فى مكتبة باريس , وهى منقولة من خط ابن السمح وهو البغدادي المنطقي (2) وقال ابن السمح إنه قابلها على نسختين عربيتين سقيمتين , وإحداهما أشد سقما من الأخرى , وكان إذا أشكل عليه شيء منها رجع فيه إلى نسخة سريانية , ونشر د. عبد الرحمن بدوى تلك النسخة , وقال إنها قد تكون من ذلك النقل القديم الذي ذكره النديم , والنقل القديم في كلام النديم هو ما كان قبل نقل حنين بن إسحاق العبادي النصراني , فلعل ذلك النقل كان فى المائة الثانية من الهجرة.
وذكر المجاز والاستعارة في مواضع من المقالة الثالثة من تلك النسخة , قال: ((ومعظم التعبيرات فيما بعد , ويزداد إدراكا كلما ازداد علما , وكلما كان الموضوع مغايرا لما كان يتوقعه , وكان النفس تقول: هذا حق و وأنا التى أخطأت , واللطيف الرشيق من الأمثال ما يوحى بمعنى أكثر مما يتضمنه اللفظ , ولسبب عينه كانت الألغاز لذيذة , إنها تعلمنا أمورا على سبيل المجاز (3) , وقال: وفي جميع هذه الأحوال إذا كان الاشتراك اللفظي أو المجاز هو الذي يأتي بالكلمة المناسبة , فإن النجاح مؤكد (4) , وقال: وكلما تضمنت العبارة معانى ازدادت روعة , مثل أن تكون الألفاظ مجازية , وكانت الاستعارة مقبولة , وثم تقابل أو طباق , وثم فعل , أما الصور فكما قلنا من قبل: إنها تغييرات – مجازات – مرموقة جدا , وتتألف دائما من حدين مثل الاستعارة التمثيلية (5). اهـ بلفظة.
وأما كتاب الشعر , فقال النديم , إن الكندي – فيلسوف العرب – كان اختصره (6) , والكندي كان معاصرا للجاحظ , ولا حجة على أنه كان هو أول من نقل كتاب الشعراء لأرسطو إلي العربية , ولعله كان نقل قبله , فاختصره هو من ذلك النقل , ووجدت منه نسخة بنقل أبى بشر متى من السرياني إلى العربي , وهو نقل رديء,
وطبع باليونانية عدة مرات , ونقله د. عبد الرحمن بدوي من اليونانية إلى العربية نقلا جديداً.
وكذلك ذكر فيه المجاز , قال: وكل اسم هو إما شائع, أو غريب , أو مجازى , أو حيلة , أو مخترع , أو مطول , أو موجز , أو معدل , قال: والمجاز نقل اسم يدل على شيء إلى شيء آخر , والنقل يتم إما من جنس إلى نوع , أو من نوع إلى جنس أو من نوع إلى نوع , أو بحسب التمثيل , وأعنى بقولي: من جنس إلى نوع ما مثاله , هنا توقفت سفينتي , لأن الإرساء ضرب من التوقف , وأما من النوع إلى الجنس فمثالة , أجل: لقد قام أودوسوس بآلاف من الأعمال المجيدة , لأن آلاف معناها كثير , والشاعر استعملها مكان كثير , ومثال المجاز من النوع إلى النوع قوله: انتزع الحياة بسيف من نحاس , وعندما قطع بكأس متين من نحاس , لأن انتزع هاهنا معناها قطع , وقطع معناها انتزع , وكلا القولين يدل على تصرم الأجل الموت , وأعنى بقولي: بحسب التمثيل , جميع الأحوال التي فيها تكون نسبة الحد الثاني إلى الحد الأول كنسبة الرابع إلى الثالث , لآن الشاعر سيستعمل الرابع بدلا من الثاني بدلا من الرابع و وفى بعض الأحيان يضاف الحد الذي تتعلق به الكلمة المبدل بها المجاز , ولإيضاح ما أعنى بالأمثلة أقول: إن النسبة بين الكأس وديونوسس هي النسبة بين الترس وأرس , ولهذا يقول الشاعر عن الكأس إنها ترس ديونوسس , وعن الترس إنه كأس أرس , وكذلك النسبة بين الشيخوخة والحياة هي بعينها النسبة بين العشية والنهار , ولهذا يقول الشاعر عن العشية ما قاله أنبا دقليس إنها شيخوخة النهار, وعن الشيخوخة إنها عشية الحياة أو غروب العيش , وفى بعض أحوال التمثيل لا يوجد اسم , ولكن يعبر عن النسبة , فمثلا نثر الحب يسمى البذر , ولكن للتعبير عن فعل الشمس وهى تنثر أشعتها لا يوجد لفظ , ومع ذلك فإن نسبة هذا الفعل إلى أشعة الشمس , هي بعينها نسبة البذر إلى الحب , ولهذا يقال: تبذر نورا إلهيا , ويمكن أيضا استعمال هذا الضرب من المجاز بطريقة أخرى , فبعد الدلالة على شيء باسم يدل على آخر , ننكر صفة من الصفات الخاصة بهذا
¥