تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أسفار الحياة]

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[20 - 04 - 2009, 02:06 ص]ـ

[أسفار الحياة]

خلقنا نتقلب في "ستة" أسفار إلى أن يستقر بالقوم المنزل:

السفر الأول: سفر السلالة من الطين، السفر الثاني: سفر النطفة من الظهر إلى البطن،

السفر الثالث: من البطن إلى الدنيا، الرابع: من الدنيا إلى القبور، الخامس: من القبور إلى العرض، السادس: من العرض إلى منزل الإقامة.

فقد قطعنا نصف السفر، وما بعد أصعب.

إخواني: السنون مراحل، والشهور فراسخ، والأيام أميال، والأنفاس خطوات، والطاعات رؤوس أموال، والمعاصي قطاع الطريق، والربح الجنة، والخسران النار، ولهذا الخطب شمر الصالحون عن سوق الجد في سوق المعاملة، وودعوا بالكلية ملاذ النفس.

كلما رأوا مركب الحياة يتخطف في بحر العمر، شغلهم ما هم فيه عن عجائب البحر، فما كان إلا قليل حتى قدموا من السفر، فاعتنقتهم الراحة في طريق التلقي، فدخلوا بلد الوصل، وقد حازوا ربح الدهر.

يا جبان العزم: لو فتحت عين البصيرة فرأيت بإنسان الفكر ما نالوا، لصاح لسان التلهف: يا ليتني كنت معهم، وأين الأرض من صهوة السماء؟؟.

ألا أنت والله منهم ولا تدري من هم.

يا قَلبُ مِن نَجدٍ وَساكنِهِ ... خَلّفتَ نَجداً وَراءَ المُدلَجِ الساري

أَهفوا إِلى الرَملِ تَعلو لي رَكائِبُهُم ... مِنَ الحُمى في أُسَيحاقٍ وَأَطماري

تَفوحُ أَرواحُ نَجدٍ مِن ثِيابِهِمُ ... عِندَ القُدومِ لِقُربِ العَهدِ بِالدارِ

يارَاكِبان قِفالي فاقضِيا وَطَري ... وَخَبِّراني عَن نَجدٍ بِأَخبارِ

هَل رُوَّضَتَ قاعَةَ الوَعساءِ أَو مُطِرت ... خَميلةَ الطَلحِ ذاتُ البانِ وَالغارِ

أَم هَل أَبيتَ وَداري عِندَ كاظِمَة ... داري وَسُمَّارُ ذاكَ الحَي سَماري

فَلَم يَزالا إِلى أَن نَمَّ بي نَفَسي ... وَحَدَّثَ الرَكبُ عَني دَمعي الجاري

ويحك: في صناديق هذه الأيام أودعت بضائع القوم، في هذه المزرعة المحلاة بذروا حبَّ الحب، فإذا حصدوا نادي بك هاتف اللوم: في الصيف ضيعت اللبن.

كُشفت عن عيونهم حجب الفعلة، فنظروا بلا معاينة، وخاطبوا بلا مشافهة.

تراه بالشوق عيني وهو محجوب أنضوا رواحل الأبدان في سفر المحبة، حتى بلغوا منى المنى قبل فوات الوقفة (تِلكَ أُمَةٌ قَد خَلَت).

بانوا وَخُلِّفتُ أَبكي في ديارِهِمُ ... قُل لِلديارِ سَقاكَ الرائِحُ الغادي

وَقُل لأظعانِهِم حُييتِ مِن ظُعُنٍ ... وَقُل لِواديهُمُ حُيِيتَ مِن وادي

دخل رجل ناحل الجسم على "عمر بن عبد العزيز" فقال له: مالك هكذا؟ فقال: ذقت حلاوة الدنيا فرأيتها مرارة، فأسهرت ليلى، وأظمأت نهاري، وذلك قليل في جنب ثواب الله وعقابه.

أَميرُ الهَوى مِن هَوا ... كَ في شُغلٍ شاغِلِ

تَسَربَلَ ثَوبُ الضَنا ... عَلى بُدنٍ ناحِلِ

ذابت قلوبهم بنيران الخوف، فأحرقت موطن الهوى، واضفرت الألوان لقوة الحذر فتنكست رؤوس الخجل، فإذا أردت أن تعرف أحوالهم فاسمع حديث النفس بين النفس.

خُذي حَديثَكَ في نَفسي مِنَ النَفَسِ ... وَجدُ المَشوقِ المعنّى غَيرُ مُلتَبِسِ

الماءُ في ناظري وَالنارُ في كبدي ... إِن شِئتَ فاغتَرِفي أَو شِئتَ فاقتَبِسي


من اللطائف: لابن القيم الجوزي , رحمه الله.

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[22 - 04 - 2009, 05:28 م]ـ
ومن منازل " إياك نعبد وإياك نستعين " منزلة الورع.
قال الله تعالى: (ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم) وقال تعالى: (وثيابك فطهر) قال قتادة ومجاهد: نفسك فطهر من الذنب. فكنى عن النفس بالثوب. وهذا قول إبراهيم، النخعي و الضحاك، و الشعبي، والزهري، والمحققين من أهل التفسير. قال ابن عباس: لا تلبسها على معصية ولا غدر. ثم قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي:

وإني - بحمد الله - لا ثوب غادر لبست ولا من غدرة أتقنع والعرب تقول في وصف الرجل بالصدق والوفاء: طاهر الثياب. وتقول للغادر والفاجر: دنس الثياب. وقال أبي بن كعب: لا تلبسها على الغدر، والظلم والإثم. ولكن البسها وأنت بر طاهر.
وقال الضحاك: عملك فأصلح. قال السعدي: يقال للرجل إذا كان صالحا: إنه لطاهر الثياب. وإذا كان فاجرا: إنه لخبيث الثياب. وقال سعيد بن جبير: وقلبك وبيتك فطهر. وقال الحسن و القرظي: وخلقك فحسن.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير