تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المحسنات البديعية في الأمثال القرآنية]

ـ[روضة النعيم]ــــــــ[16 - 06 - 2009, 11:22 م]ـ

[المحسنات البديعية في الأمثال القرآنية]

إن المتتبع لأمثال القرآن الكريم يمكنه ملاحظة أن القرآن اعتمد على ألوان بديعية في القضية الواحدة، أو القضايا المتشابهة أكثر من غيرها من المحسنات، مع استخدامه لأنواع بديعية أخرى تختلف من مثل إلى آخر.

ففي إثبات القدرة الإلهية ركّز القرآن على استخدام بعض المحسنات، أهمها:

المذهب الكلامي، والاستطراد، والطباق، إذ نجد غالبية الأمثال التي ضُربت لبيان قدرة الله قد استُخدمت فيها هذه المحسنات أكثر من غيرها.

ففي قوله تعالى: ?يُخرِجُ الحيَّ مِنَ الميت ويُخرِجُ المَيتَ مِنَ الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تُخرجون (? (1.

اشتملت الآية [المثل] على ألوان عدة من المحسنات البديعية منها:-

1 - الطباق:

في قوله تعالى: [الحي، الميت]، ونوعه طباق إيجاب، وهو أن يجمع بين الضدين (2)، وقوله: [يحيي، موتها].

2 - المذهب الكلامي (3):

فقد بيّن الله ـ سبحانه ـ في هذا المثل قدرته تعالى على إخراج الكائن الحي ممن لا حياة فيه، كإخراج النبات والثمر من البذرة، وإخراج الفرخ من البيضة، وكذلك العكس، كما بيّن قدرته على إحياء الأرض وإنباتها، بعد أن كانت جرداء لا حياة فيها، وبعد هذه المقدمات والأدلة جاء القرآن بما أراد إثباته وهو البعث، فقال:- " كذلك تخرجون"، فمن يستطيع أن يبعث الحياة في ما لا حياة فيه أصلا والعكس قادر على إعادة الحياة إلى الأموات.

3 - الاستطراد (1):

فقد بيّن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قدرته على الخلق من العدم والعكس، وعلى إحياء الأرض القاحلة، ثم أكد قدرته على إحياء الموتى، فجاء بمعنى أول؛ ليدل على طلاقة القدرة الآلهية على بعث الموتى وإعادة الحياة لهم، وهي أساس الإعجاز الإلهي.

4 - العكس والتبديل:

وذلك في قوله تعالى: ? يُخرجُ الحي مِنَ الميتِ ويُخرجُ الميت من الحي?، وقد وقع العكس بين الحي من الميت، إذ قدّم الحي على الميت، ثم عكس فقدم الميت على الحي، فوقع العكس بين متعلقي فعلي: [يخرج] الأولى و [يخرج] الثانية.

5 - الانسجام (2):

إذ جاء القرآن بجمل متآلفة تدرّج فيها من حالة إلى أخرى بألفاظ سهلة مسبوكة.

6 - رد العجز على الصدر:

ويسمى التصدير، في قوله تعالى:- " يخرج الحي ..... وكذلك تخرجون"، وهو أن يجعل أحد اللفظين المكررين، أو المتجانسين، أو الملحقين بهما في أول الفقرة، والآخر في آخرها (1).

فجاء في بداية المثل بقوله:- " يخرج" ثم ختم المثل بما يجانس اللفظ الأول "يخرجون".

7 - التجريد:

أن ينتزع من أمر ذي صفة آخر مثله مبالغة في كمالها (2)، فجاء ببيان إخراج ما لا حياة فيه ممن له حياة، حتى يصل إلى إخراج الموتى.

8 - الإبداع:

وهو أن يشتمل الكلام على عدة أضرب من البديع.

وقد اشتمل المثل على محسنات بديعية مختلفة. فهذه الآية التي لم تتجاوز عدد كلماتها الخمس عشرة كلمة، تضمنت هذا الكم من المحسنات البديعية التي لم تسهم في تزيينها، وتحسين الكلام فقط، وإنما أفادت معاني أخرى، كإثبات البعث وتأكيده، وبيان قدرة الله، وغير ذلك مما أفادته تلك المحسنات.

ومنه قوله تعالى: ?ومن آياتهِ أنّكَ ترى الأرضَ خاشعةً فإذا أنزلنا عليها الماءَ اهتزتْ وربتْ إنَّ الذي أحياها لَمُحي الموتى إنه على كلِ شيءٍ قدير? (3).

ضُرب المثل لإحياء الموتى بالأرض، لذا فقد استخدم فيه: الاستطراد، والمذهب الكلامي، والطباق، وغيرها من المحسنات، إذ اشتمل على ضروب عدة، منها:-

1 - الطباق:

بين (محيي، الموتى).

2 - الاستطراد:

فقد ذكر ـ سبحانه ـ قدرته على إحياء الأرض الميتة، ثم بيّن وأكد قدرته على إحياء الموتى، فجاء بمعنى ومثل مُشاهد؛ ليؤكد على معنى وقضية يُنكرها المنكرون، وهي قضية البعث.

3 - المذهب الكلامي:

جاء بمثل لبيان قدرته ـ سبحانه ـ على الإحياء، وهو إحياء الأرض، فمن يستطيع إحياء الأرض القاحلة الميتة قادر على إعادة الحياة للموتى الذين كانوا في السابق أحياء، فالإعادة أهون من النشأة الأولى. فأتى بمقدمات، ومسّلمات ليصل بها إلى المطلوب، وهو بيان قدرته على بعث الحياة بعد الموت.

4 - حُسن الترتيب:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير