تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال ابن سيرين و ابن زيد: أمر بتطهير الثياب من النجاسات التي لا تجوز الصلاة معها؛ لأن المشركين كانوا لا يتطهرون، ولا يطهرون ثيابهم.

وقال طاوس: وثيابك فقصر؛ لأن تقصير الثياب طهرة لها.

والقول الأول أصح الأقوال.

ولا ريب أن تطهيرها من النجاسات وتقصيرها من جملة التطهير المأمور به، إذ به تمام إصلاح الأعمال والأخلاق؛ لأن نجاسة الظاهر تورث نجاسة الباطن. ولذلك أمر القائم بين يدي الله عز وجل بإزالتها والبعد عنها.

والمقصود أن الورع يطهر دنس القلب ونجاسته. كما يطهر الماء دنس الثوب ونجاسته. وبين الثياب والقلوب مناسبة ظاهرة وباطنة. ولذلك تدل ثياب المرء في المنام على قلبه وحاله. ويؤثر كل منهما في الآخر. ولهذا نهى عن لباس الحرير والذهب، وجلود السباع، لما تؤثر في القلب من الهيئة المنافية للعبودية والخشوع. وتأثير القلب والنفس في الثياب أمر خفي يعرفه أهل البصائر من نظافتها ودنسها ورائحتها، وبهجتها وكسفتها، حتى إن ثوب البر ليعرف من ثوب الفاجر، وليسا عليهما.

وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الورع كله في كلمة واحدة. فقال: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " فهذا يعم الترك لما لا يعني من الكلام، والنظر، والاستماع، والبطش، والمشي، والفكر، وسائر الحركات الظاهرة والباطنة. فهذه الكلمة كافية شافية في الورع.

قال إبراهيم بن أدهم: الورع ترك كل شبهة، وترك مالا يعنيك هو ترك الفضلات. وفي الترمذي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة كن ورعا، تكن أعبد الناس.

قال الشبلي: الورع أن يتورع عن كل ما سوى الله. وقال إسحاق بن خلف: الورع في المنطق أشد منه في الذهب والفضة، والزهد في الرياسة أشد منه في الذهب والفضة، لأنهما يبذلان في طلب الرياسة.

وقال أبو سليمان الداراني: الورع أول الزهد، كما أن القناعة أول الرضا.

وقال يحيى بن معاذ: الورع الوقوف على حد العلم من غير تأويل. وقال: الورع على وجهين. ورع في الظاهر، وورع في الباطن، فورع الظاهر أن لا يتحرك إلا لله، وورع الباطن هو أن لا تدخل قلبك سواه. وقال: من لم ينظر في الدقيق من الورع لم يصل إلى الجليل من العطاء.

وقيل: الورع الخروج من الشهوات، وترك السيئات.

وقيل: من دق في الدنيا ورعه - أو نظره - جل في القيامة خطره.

وقال يونس بن عبيد: الورع الخروج من كل شبهة، ومحاسبة النفس في كل طرفة عين.

وقال سفيان الثوري: ما رأيت أسهل من الورع، ما حاك في نفسك فاتركه.

وقال سهل: الحلال هو الذي لا يعصى الله فيه، والصافي منه الذي لا ينسى الله فيه، وسأل الحسن غلاما. فقال له: ما ملاك الدين؟ قال: الورع. قال: فما آفته؟ قال: الطمع. فعجب الحسن منه.

وقال الحسن: مثقال ذرة من الورع خير من ألف مثقال من الصوم والصلاة.

وقال أبو هريرة: جلساء الله غدا أهل الورع والزهد.

وقال بعض السلف: لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس.

وقال بعض الصحابة: كنا ندع سبعين بابا من الحلال مخافة أن نقع في باب من الحرام.


مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين
أبو عبد الله محمد بن أبي بكر (ابن قيم الجوزية)

ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[22 - 04 - 2009, 05:37 م]ـ
ماأروع ماقدمته أخي نور نتابع المعاني الرائعة والصياغة الأروع واللغة الجميلة بكل اهتمام ونشكرك على الفائدة التي قدمتها

بارك الله فيك زدنا من الدرر والنفائس

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[24 - 04 - 2009, 12:07 ص]ـ
ماأروع ماقدمته أخي نور نتابع المعاني الرائعة والصياغة الأروع واللغة الجميلة بكل اهتمام ونشكرك على الفائدة التي قدمتها

بارك الله فيك زدنا من الدرر والنفائس

بورك فيك يا أيتها المشرفة ياصاحبة العطاء الكبير المبذول., اسأل الله العظيم أن يجازيك ِ خيراً على ما تقدميه للفصيح., أشكر مرورك الطيّب.

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[27 - 04 - 2009, 12:48 ص]ـ
نظر بعض الحكماء جارية حسناء خرجت يوم عيد في النظارة فقال هذه لم تخرج لترى ولكن لتُرى.
ونظر إلى صياد يكلم امرأة. فقال له يا صياد احذر أن تُصاد ونظر إلى رجل سوء حسن الوجه. فقال أما البيت فحسن وأما الساكن فرديء.
وقيل لبعضهم لم لا تطلب الولد؟ فقال لحبي له.
وقال بعضهم لما مات الإسكندر وجعل في تابوت ذهب: إنَّ هذا قد كان
يخبأ الذهب وقد خبأه الذهب الآن.
وقال آخر: والناس يبكون ويجزعون: قد حركنا الآن بسكونه.
وقال آخر: قد كان يعظنا في حياته وهو اليوم أوعظ منه أمس.
وقال آخر: قد كان غالباً فصار مغلوباً وآكلاً فصار مأكولاً.
وقال آخر: الصديق إنسان آخر إلا أنه أنت.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير