تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[بحث في "كال" و"شكر"ونحوها]

ـ[أبو المنهال]ــــــــ[11 - 02 - 2007, 05:18 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قد رأيت اختلاف الإخوة الأفاضل فيما ورد من الأفعال التي تتعدى بنفسها تارة وتتعدى بحرف الجر تارة أخرى كنصح وشكر وكال ونحوها، فأقول: إن النحويين قد اختلفوا في الوجه الذي يمكن أن تحمل عليه، وقبل أن أورد اختلافهم أشير إلى أمرين مهمين:

1 - اتفاق النحويون على أنّ هذا النوع من الأفعال مقصور على السماع يحفظ ولا يقاس عليه، واختلافهم إنما هو في الوجه الذي يمكن أن تخرّج عليه تلك الأفعال.

2 - أن هذه الأفعال لا تلتقي مع مسألة حذف الجار إلا في وجه من الوجوه التي قيلت في تخريجها.

أما الأقوال التي قيلت في تخريجها فإليك بيانها:

القول الأول:

أنها أفعال لازمة، وما جاء منها متعد بنفسه فعلى حذف حرف الجر. وإلى هذا ذهب الفراء وثعلب والثمانيني، وغيرهم.

القول الثاني:

أنّ التعدي لغة، واللزوم لغة أخرى. وإلى هذا ذهب ابن السكيت وابن بابشاذ وغيرهما.

القول الثالث:

أنّ تلك الأفعال متعدية بنفسها، وما جاء منها متعديًا بحرف الجر حكم بزيادته.

وهذا المذهب نسبه ابن درستويه، وجماعة إلى بعض النحويين، وممن أخذ به الرضي، فإنّه ذهب إلى أنّ أفعال هذا الباب حين يتساوى فيها الاستعمالان التعدي واللزوم هي متعدية بنفسها؛ لأنّ المعنى مع الحرف كالمعنى دونه، والتعدي واللزوم بحسب المعنى، والفعل دون الحرف متعدٍ إجماعًا، فكذلك مع الحرف، وذلك نحو "نصحت" و"شكرت".

كما حكم بتعدية الفعل بنفسه من باب أولى إذا كانت تعديته بالحرف أقل في الاستعمال من تعديته بنفسه، واستثنى من تلك الأفعال ما جاء منها متعديًا بنفسه قليلاً، فهي عنده لازمة.

القول الرابع:

أنّ "نصح" و"شكر" ونحوهما من الأفعال مما يتعدى إلى مفعولين، أحدهما بنفسه، والآخر بحرف الجر، فأصل: "شكرت محمدًا" شكرت لمحمد فعله، أو شكرت محمدًا لفعله، ثم اقتصر على أحد المفعولين، فقيل: شكرت محمدًا، أو شكرت فعل محمد.

وهذا القول ذهب إليه ابن درستويه، وتابعه البطليوسي والسهيلي.

وما ذهب إليه هؤلاء دعوى لا دليل عليها عند ابن عصفور؛ إذ لم يسمع عن العرب تعدية تلك الأفعال إلى مفعولين، وفي عدم سماع ذلك دليل على فساد ما ذهبوا إليه.

القول الخامس:

أنّ تلك الأفعال قسم مستقل برأسه، وليست داخلة في الفعل المتعدي أو اللازم.

وإلى هذا ذهب الزجاجي والعكبري وابن مالك، واختاره أبو حيان والدماميني.

واحتج أصحاب هذا القول بأنهم وجدوا تلك الأفعال متعدية تارة بنفسها، وتارة بحرف الجر، ولم يستعمل أحدهما أكثر من الآخر ليجعل هو الأصل.

ورُدّ هذا القول بأنّه لا يتصور أن يكون الفعل متعديًا لازمًا؛ 2 لأنه محال أن يكون الفعل قويًا ضعيفًا في حال واحدة، ولا المفعول محلاً للفعل وغير محل للفعل في حين واحد.

القول السادس:

أنّ تلك الأفعال منها ما هو متعد بنفسه، ومنها ما هو لازم، فالفعل المتعدي بنفسه منها ما حل بالمفعول نحو: "مسحت رأسي"، فإن المسح يحل بالرأس، فهذا الفعل ونحوه متعدٍ بنفسه، وما جاء منها متعديًا بالحرف فهو زائد.

وأما الفعل اللازم منها فهو ما لا يحل بالمفعول نحو: "نصحت لزيد"؛ إذ النصح لا يحل بزيد، وما جاء من هذه الأفعال متعديًا بنفسه فعلى حذف حرف الجر.

وهذا المذهب هو مذهب ابن عصفور، وهو مبني على مذهبه في الفعل المتعدي بنفسه؛ إذ الفعل المتعدي عنده ما حلّ بالمفعول.

القول السابع:

ما ذهب إليه ابن أبي الربيع؛ إذ أفعال هذا الباب عنده ثلاثة أقسام:

أولها: أن يكون تعدي الفعل بنفسه وتعديه بحرف الجر أصلين، واختلف تعديه للحظين مختلفين، وذلك نحو: "كلتك" و"كلت لك"، فمن قال: "كلتك" لحظ معنى أعطيتك، ومن قال: "كلت لك" لحظ معنى حُطْتُ الشيء لك.

الثاني: أن يكون الأصل تعديه بحرف الجر نحو: "شكرت لزيد"، وقولهم: "شكرت زيدًا" حذف منه حرف الجر.

وإنما كان (شكر) و (نصح) ونحوهما الأصل فيهما عنده تعديهما بحرف الجر لأنه الأكثر في كلام العرب، فوجب أن يجعل الأكثر الأصل، والقليل الفرع.

الثالث: أن يكون الأصل تعديه بنفسه نحو: "قرأت السورة" وقولهم: "قرأت بالسورة" على زيادة حرف الجر.

هذه هي مذاهب النحويين في هذه الأفعال، والذي يظهر لي هو ما ذهب إليه الرضي، وهو أن ينظر في كل فعل من هذه الأفعال على حدة، فيحكم بتعدية الفعل بنفسه إذا كانت أكثر في الاستعمال من تعديه بالحرف، وكذا إذا كانت مساوية له، ويحكم بلزوم الفعل إذا كان تعديه بنفسه قليلاً.

ـ[المستفهم]ــــــــ[14 - 02 - 2007, 12:17 ص]ـ

جزاك الله خيرا

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[14 - 02 - 2007, 11:27 ص]ـ

في نظري أن الفعل شكر يتعدى بنفسه إلى مفعول واحد ويتعدى في الوقت نفسه بحرف الجر، فالأصل أن يقال: شكرت فلانا على صنعه أو لصنعه، أو شكرت لفلان صنعه، ثم يطلب التخفيف فبجوز أن يقال: شكرت فلانا، بحذف (لصنعه) ويجوز أن يقال: شكرت لفلان، بحذف (صنعه)

أما (كال) فالأمر فيه مختلف، فالأصل فيه أن يقال: كلت الشيء لفلان، فيجوز اختصارا أن يقال: كلت الشيء، ويحذف (لفلان) ويجوز حذف الجار وإيصال الفعل لفلان مباشرة فيقال: كلت فلانا الشيء، كما تقول: أعطيت فلانا الشيء.

ففي (شكر) حذف للمفعول وإبقاء للجار والمجرور المتعلقين بالفعل، أو حذف للجار والمجرور وإبقاء للمفعول.

وفي (كال) حذف للجار والمجرور المتعلقين بالفعل وإبقاء المفعول، أو حذف الجار وجعل المجرور مفعولا ثانيا وتصيير المفعول مفعولا أول.

فالأمر فيهما مختلف.

مع التحية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير