3 - أن يكون الفصل بها بين الأجزاء المنفصلة بذاتها، ويظهر معنى هذا الشرط بالنظر إلى بعض الحروف الَّتي تتَّصل بما تدخل عليه فيكونان كالكلمة الواحدة، كما في أل التعريف، وسين التنفيس، وبعض حروف الجرِّ كالباء واللام، فالاعتراض بينها وبين مدخولها لا يصحُّ ولا يستقيم.
قيمة الفصل والاعتراض:
يبدو في ظاهرتي الفصل والاعتراض شيءٌ من الغربة؛ ففيهما خروج على النظام الأصليِّ للتضامِّ بين أجزاء الجملة أو التركيب، وهذا الخروج لا بدَّ له من علَّة؛ لأنَّ سير السياق النحويِّ للكلام بالترتيب الَّذي يوصل إلى تأدية معناه من غير معوِّقات أمرٌ مهمٌّ في البيان، وليس بالشيء الهيِّن الَّذي تُستباح مخالفته ما لم تكن فائدةٌ تُجتنى من وراء المخالفة.
ويبدو في الفصل والاعتراض شَبَهٌ بالتقديم، وابن عصفور يعدُّ الفصل من التقديم صراحة، يقول: " وأمَّا تقديم بعض الكلام على بعض فمنه: الفصل بين المضاف والمضاف إليه "، ويجعله ابن جنِّي من الحمل على المعنى، إلاَّ أنَّه يصله بالتقديم والتأخير لما يبدو في ظاهره منه؛ إذ " يمكن وصف معظم صور الفصل بأنَّها من قبيل التقديم والتأخير للمعمولات "، لكنَّه تقديمٌ من نوعٍ آخر؛ فهو يخضع بالدرجة الأولى لذوق المتكلِّم الَّذي يرى في تعجيل ورود تركيبٍ ما ضرورةً مُلِحَّة، فيأتي به قبل تمام فائدة الكلام الأوَّل.
والفرق الواضح بين الفصل والتقديم أنَّ التقديم مرتبطٌ بمبدإ الرتبة، حيث يكون لكلٍّ من المقدَّم والمؤخَّر فيه رتبة، محفوظةً كانت أو غير محفوظة، في حين يرتبط الفصل بما هو حُرُّ الرتبة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:
الفصل بالظرف وبالجارِّ والمجرور، اللذَيْن يُتوسَّع فيهما ما لا يُتوسَّع في غيرهما، ويكفل النظام النحويُّ لهما حرِّيَّة الحركة بالتقديم والتأخير.
وما من شكٍّ في أنَّ التركيب الوارد فاصلاً أو معترِضًا يكون غريبًا وقلِقًا في موضعه من الكلام، ولعلَّ هذا ما يجعله بارزًا واضحًا، " يثير الانتباه، ويلفت التفكير "، فتظهر قيمته البيانيَّة والمعنويَّة الَّتي عبَّر عنها ابن جنِّي في باب الاعتراض حيث قال: " والاعتراض في شعر العرب ومنثورها كثيرٌ وحسَن، ودالٌّ على فصاحة المتكلِّم وقوَّة نفْسه وامتداد نفَسه ... "، وقد أكَّد على كثرته وجريانه مجرى التأكيد بقوله: " اعلم أنَّ هذا القبيل من هذا العلم كثير، قد جاء في القرآن وفصيح الشعر ومنثور الكلام، وهو جارٍ عند العرب مجرى التأكيد ".
وإنَّما كان الاعتراض جاريًا مجرى التأكيد لأنَّه في معناه، فهو كالتنبيه القويِّ للسامع إلى شيءٍ يريده المتكلِّم، كدعاءٍ، أو قسَمٍ، أو قيدٍ بشرطٍ، أو نفيٍ، أو وعدٍ، أو أمرٍ، أو نهيٍ، أو غير ذلك، فشأنه في ذلك شأن التقديم للأهمِّيَّة.
صالح الشاعر
ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[17 - 02 - 2007, 06:40 م]ـ
جزاك الله خيراً على إفادتك لنا ..
لكن ..
يا حبّذا لو أتممت إحسانك بضرب أمثلةٍ مما قالت العرب فتقرب المعلومة إلى الذهن ..
لك مني التقدير والشكر الجزيل ..
والسلام,,,
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[17 - 02 - 2007, 07:30 م]ـ
كيف أنت أخي رؤبة؟ اشتقت إليك .......
جزيت خيرا أخي العلامة صالح الشاعر ......
حبذا لو ذكرت الفرق بين الاعتراض النحوي والبلاغي من باب الفائدة وشكرا لكم على جهودكم الكثيرة .......
أخوكم /أحمد الزهراني أبو جمانة
ـ[أحمد الحسن]ــــــــ[17 - 02 - 2007, 08:04 م]ـ
بوركت يا صالح الشاعر
ولكن لِمَ سمّيت الواو واو الاعتراض، وهي بأقل من جملة، وهي حسب مذهبك وما قلت يجب تسميتها: واو الفصل.
والله تعالى أعلم
ـ[صالح الشاعر]ــــــــ[17 - 02 - 2007, 10:08 م]ـ
رؤبة بن العجاج:
جزاك الله خيراً على إفادتك لنا ..
لكن ..
يا حبّذا لو أتممت إحسانك بضرب أمثلةٍ مما قالت العرب فتقرب المعلومة إلى الذهن ..
لك مني التقدير والشكر الجزيل ..
والسلام,,,
ممَّا ورد فيه الفصل بين ما أصله المبتدأ والخبر قول الشاعر:
فأصبحتْ بعد خطَّ بهجتِها كأنَّ قفرًا رسومَها قلَما (1)
أراد: فأصبحت بعد بهجتها قفرًا كأنَّ قلمًا خطَّ رُسومَها، وفيه الفصل بين (أصبحت) والخبر (قفرا). راجع الخصائص 2/ 393
ومن أمثلة الاعتراض قول الشاعر:
أتاني - أبيت اللعن - أنك لمتني وتلك التي أهتم منها وأنصب
والاعتراض في البيت واضح!!!
أحمد الفقيه الزهراني:
كيف أنت أخي رؤبة؟ اشتقت إليك .......
جزيت خيرا أخي العلامة صالح الشاعر ......
حبذا لو ذكرت الفرق بين الاعتراض النحوي والبلاغي من باب الفائدة وشكرا لكم على جهودكم الكثيرة .......
أخوكم /أحمد الزهراني أبو جمانة
حياك الله يا أخي الفاضل ... لاحظ أنني قلت:
والفصل من حيث هو مصطلح نحويٌّ يختلف عن الفصل البلاغيّ الَّذي يتحقَّق بعدم استعمال حرف العطف، والَّذي يقابلون بينه وبين الوصل بعطف الجمل بعضها على بعض.
إذن لم أذكر الاعتراض البلاغي مطلقًا أليس كذلك؟
بصمة1:
لِمَ سمّيت الواو واو الاعتراض، وهي بأقل من جملة، وهي حسب مذهبك وما قلت يجب تسميتها: واو الفصل.
حقيقة إن المصطلحين متداخلان إلى حد كبير وأما الفصل بينهما فحد علمي أنه من اجتهادات المحدثين ولهذا نجد المراوحة بينهما في التراث النحوي العربي
والله أعلم
¥