تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأيضًا قوله: {الأَسْمَاء كُلَّهَا} [البقرة: 31] لفظ عام مؤكد، فلا يجوز تخصيصه بالدعوى. وقوله: {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ} [البقرة: 31]، لأنه اجتمع من يعقل ومن لا يعقل فغلب من يعقل. كما قال: {فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} [النور: 45]. قال عكرمة: علمه أسماء الأجناس دون أنواعها كقولك: إنسان وجن وملك وطائر. وقال مقاتل وابن السائب وابن قتيبة: علمه أسماء ما خلق في الأرض من الدواب والهوام والطير.

ومما يدل على أن هذه اللغات ليست متلقاة عن آدم، أن أكثر اللغات ناقصة عن اللغة العربية ليس عندهم أسماء خاصة للأولاد والبيوت والأصوات وغير ذلك مما يضاف إلى الحيوان، بل إنما ستعملون في ذلك الإضافة.

فلو كان آدم عليه السلام علمها الجميع لعلمها متناسبة , وأيضًا فكل أمة ليس لها كتاب ليس في لغتها أيام الأسبوع , وإنما يوجد في لغتها اسم اليوم والشهر والسنة؛ لأن ذلك عرف بالحس والعقل، فوضعت له الأمم الأسماء، لأن التعبير يتبع التصور.

وأما الأسبوع فلم يعرف إلا بالسمع , لم يعرف أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش إلا بأخبار الأنبياء الذين شرع لهم أن يجتمعوا في الأسبوع يوما يعبدون الله فيه ويحفظون به الأسبوع الأول الذي بدأ الله فيه خلق هذا العالم، ففي لغة العرب والعبرانيين , ومن تلقى عنهم , أيام الأسبوع، بخلاف الترك ونحوهم، فإنه ليس في لغتهم أيام الأسبوع لأنهم لم يعرفوا ذلك فلم يعبروا عنه. فعلم أن الله ألهم النوع الإنساني أن يعبر عما يريده ويتصوره بلفظه وأن أول من علم ذلك أبوهم آدم وهم علموا كما علم وإن اختلفت اللغات.

وقد أوحى الله إلى موسى بالعبرانية وإلى محمد بالعربية، والجميع كلام الله , وقد بين الله بذلك ما أراد من خلقه وأمره , وإن كانت هذه اللغة ليست الأخرى , مع أن العبرانية من أقرب اللغات إلى العربية حتى إنها أقرب إليها من لغة بعض العجم إلى بعض.

فبالجملة نحن ليس غرضنا إقامة الدليل على عدم ذلك، بل يكفينا أن يقال: هذا غير معلوم وجوده بل الإلهام كاف في النطق باللغات من غير مواضعة متقدمة، وإذا سمى هذا توقيفًا، فليسم توقيفا وحينئذ فمن ادعى وضعا متقدما على استعمال جميع الأجناس، فقد قال ما لا علم له به. وإنما المعلوم بلا ريب هو الاستعمال)

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير