تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أنوار]ــــــــ[07 - 09 - 2010, 07:47 م]ـ

سأنفذ ما وعدتُ به ..

ولكن ستفسدون عليّ عنوان الموضوع .. !!

أولادنا! أنتم لنا فِتنٌ * * * وتغادرون .. فأنتم لنا محنُ

ابن الرومي

كان ابن الرومي شاعرا بائسًا بكل ما تحمله كلمة بؤس – وبعض مالا تحمله – من أبعاد.

كان دميما، سخر من قبحه في أبيات غاية في الجمال.

وكان فقيرا يتاجر تجارة تطوقه بالذل والمسكنة ليل نهار.

وكان متطيِّرا، يقضي في بيته أياما طويلة حتى لا يمر به من يتشاءم منه.

وكان هجاءً بذيئا، والهجاء البذيء – دائما وأبدا- يعبر عن عقدة نقص كامنة في العقل الباطن

(وربما الظاهر أيضا).

ومع ذلك كله،

لا تكاد تجد في شعرنا العربيّ قصيدة مؤثرة كقصيدة ابن الرومي في رثاء ابنه.

ولا تكاد تجد في الشعر العربي نبضات شبيهة بتلك التي تراها تبرق كالنجوم، في الأفق الملبّد بالمدائح و الأهاجي.

للمرء أن يقول ما يشاء،

ولكن أحدا لا ينكر أن عاطفته كانت حادة كالسيف، متدفقة كالطوفان،

تتحول حين يفسح لها المجال، إلى شعر يحرّك أعمق الأعماق.

هناك عدة مواطن للجمال في البيت.

هناك أولا:

تلك اللفتة الإنسانيّة المؤثرة: " أولادنا ".

لم يتكلم الشاعر عن نفسه أبا لولدين أو ثلاثة، بل تكلم باسم الآباء جميعًا موجِّهًا كلامه للأبناء كافة.

وهناك ثانيًا:

هذا الغموض الموحي في كلمة " تغادرون "

فالمغادرة يمكن أن تكون من منزل إلى منزل،

أو من حيّ إلى حيّ، أو من دار الفناء إلى دار البقاء،

وتبقى في الحالات كلها مغادرة موجعة.

وهناك ثالثًا:

المفارقة بين الفتنة بكل مباهجها، والمحنة بكل مواجعها.

والشعراء العرب، بالمناسبة مفتونون، كقرّائهم بالمفارقات.

إلا أن موطن الجمال الحقيقي في البيت،

وهو ملمح لا يتّضح إلا بعد القراءة المائة،

يكْمن في أن ابن الرومي كان يدرك، كما يدرك كل أب،

أنه لا فرق هنا بين الفتنة والمحنة.

ـ[أنوار]ــــــــ[07 - 09 - 2010, 07:57 م]ـ

كم مرّ بي فيك عيشٌ لستُ أذكره * * * ومرّ بي فيك عيشٌ لستُ أنساه

حافظ إبراهيم

كان من سوء حظ حافظ إبراهيم أنه عاش في زمن أحمد شوقي، كما كان من سوء حظ عدد من الشعراء أنهم عاشوا في عصر المتنبي.

ظل شوقي و حافظ فترة تمتد من مطلع القرن العشرين الميلادي إلى عشريناته، فرسيّ رهان، وكانت المقارنة بينهما تميل حينا لصالح هذا، وتميل حينا لصالح ذاك.

إلا أن شوقي خلال العقد الأخير من حياته انطلق فجأة، كما يفعل الحصان الفائز في نهاية الشوط، مخلِّفًا لحافظ الكثير من الغبار.

ولم يعد أحد يشك أن شوقي فاز بالنقاط في " الأندلسيات " وما بعدها من قصائد، وبالضربة القاضية في المسرحيات الشعرية.

وإذ كان شوقي قد ظفر بالغنيمة الكبرى، فلقب بأمير الشعراء.

فإن حافظ خرج من المولد بكثير من الحمّص متوّجًا على شعراء مصر، حين حصل دون أن يمنحه أحد على لقب " شاعر النيل ".

هذا البيت من أبياتي المفضّلة منذ أن قرأته وأنا مراهق.

وإعجابي بالبيت يحيّرني ..

لا يوجد فيه شيء من مقومات الجمال " التقليديّة "

لا يوجد معنًى عميق، ولا توجد عاطفة مشتعلة،

ولا توجد كلمات ملونة.

باختصار ..

لا يوجد شيء من ذلك الشيء المجهول الذي يدخل بيتًا مآ فيجعله من " الشوارد " أو من الأبيات " الطائرة "

البيت صادق تقريري إلى حدِّ النثريّة، وقد قاله الشاعر حين مرّ بمنزل يسكنه في صباه، لم يبكِ ولم يستبكِ، ولم يتفجر دموعًا وحنينًا.

واكتفى بإيراد الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة.

بعض ما مرّ به في المنزل لا يستحق أن يذكر، وبعض ما مرّ به لا يمكن أن ينسى.

ترى متى يسمح لنا سادتنا النقاد العرب بأن نعتبر الصدق التقريري المباشر سمة من سمات الجمال في الشعر؟

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[07 - 09 - 2010, 09:00 م]ـ

الأخت الفاضلة أنوار

استجابة لطلب الأخوة والأخوات هنا خاصة الأخ الموعود الذي لم ينس:) وبعد تفضلك لتكن هذه الصفحة خاصة بنصوص كتاب "بيت" لغازي القصيبي رحمه الله، وسأساعدك بكتابة النصوص غير المكتوبة إن شاء الله.

وقد وقعت على عدة نصوص فاستأنسوا بها حتى نضيف ما لم يضف.

http://rewayat2.com/vb/showthread.php?t=55148

ـ[أنوار]ــــــــ[08 - 09 - 2010, 06:14 ص]ـ

جزاكم الله خيرا أستاذ عامر ..

وسأستبدل العنوان إلى ما يوافق المضمون.

ـ[السراج]ــــــــ[09 - 09 - 2010, 12:32 م]ـ

عامر مشيش;468950] الأخت الفاضلة أنوار

استجابة لطلب الأخوة والأخوات هنا خاصة الأخ الموعود الذي لم ينس:) وبعد تفضلك لتكن هذه الصفحة خاصة بنصوص كتاب "بيت" لغازي القصيبي رحمه الله، وسأساعدك بكتابة النصوص غير المكتوبة إن شاء الله.

وقد وقعت على عدة نصوص فاستأنسوا بها حتى نضيف ما لم يضف.

http://rewayat2.com/vb/showthread.php?t=55148[/QUOTE (http://rewayat2.com/vb/showthread.php?t=55148[/QUOTE)]

شكراً عامر (عيدك سعيد:))، على إضافة هذا الرابط الذي يحمل جزء مهم من هذا الكتاب (وفيت الوعد).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير