تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إنارة الغار]

ـ[نهاد أبو جبر]ــــــــ[31 - 08 - 2010, 05:29 م]ـ

بقلم: نهاد أبو جبر

حين هبطت إسبونتيك على سطح القمر شعر الغرب بصدمة حضارية سارع على إثرها بإستدعاء العلماء لتفسير أسباب هذه الوثبة الحضارية؟! وجاء رد العلماء بأن السبب يرجع إلى التعليم، فمناهجه السائدة تعتمد على أساليب تقليدية تفتقر لأبسط مقومات العنصر الإبداعي. بالتالي، هي عاجزة عن ردم هذه الفجوة العلمية ما دامت تتقوقع في دائرة هذه الأساليب العمودية الغير مؤهلة لمواكبة هذا التطور النوعي. وهو ما دفع الغرب للإنتفاض بوجه أساليب التفكير العمودي، ويعيد بناء منظومة التعليم، وصياغة أبجدياته وفق إيقاع إبداعي تجاوز النقلة الكيفية التي قفزها الدب الروسي.

والطامة .. أن التعليم عندنا هنا لا زال يرزح في أغلال التفكير العمودي!! ورغم أن هذه الأغلال أغرقتنا بمستنقع الجمود الفكري وتردي ثقافي ألقى بأيدينا في ذيل قافلة الحضارة. إلا أننا لم نشهد أي إجراء ممنهج أو حتى شبه محاولة عملية لإعادة صياغة نظام التعليم في إطار كيميا النسق الإبداعي حتى يتحرر فكرنا من أقبية الرؤية الأحادية، ويحلق بنا في فضاءات عصرنا الذهبي تماهياً مع إشراقات العهد الأول. إن خطورة التفكير العمودي ليست في الحرص على الصواب دائماً فحسب، وإنما من غطرسة الإعتقاد بأنه كاف لوحده في معالجة المعلومات. وهذا غير صحيح، إنطلاقاً من حقيقة كونه نمط تفكير ناقص، ولا يمكن معالجة هذا القصور إلى بإستخدام طرائق التفكير الإبداعي، من حيث أن الحرص على الصواب طوال الوقت سيغلق الطريق أمام التطور وإبتكار أفكار جديدة ترتقي بآفاق ثقافتنا سيما أن الثقافة تختص بتشكيل الأفكار ودور التعليم ينحصر في إيصالها فقط.

إن عملية تغيير الأفكار لن تكون ناجحة إلا من خلال التنافس بين معلومات جديدة وأفكار قديمة، وكان تقويم المعلومات موضوعياً وفق إحداثيات الإستبصار الناظمة لعملية التغيير لما يتميز به من قدرة على خلق وتصميم وإعادة صياغة الأنماط. ولما يتفرد به من لياقة في إعادة تركيب وتنظيم، وإستثارة أنماط جديدة، فهو الطريقة الوحيدة الأكثر فعالية في إحداث عملية التغيير وإعادة بناء وصياغة الأنماط على شكل نماذج تقود إلى خطوات وقفزات متقدمة. إستبصار تجلت أرقى صوره وأبلغ معانيه في إستخارة عمر شهراً .. مساحة زمنية تكشف أن الإنسان الراشد لا يسارع إلى إصدار أحكام مباشرة، بل يقوم بتأجيلها. مساحة تسلط الضوء على ملامح قائد مبدئي وثاب وليس تقليدي منفعل لا يرى أكثر من موطئ القدم ..

والتفكير الإبداعي هو أداة من أدوات الإستبصار تهتم بتوليد الأفكار الجديدة وكسر الجمود المحيط بالأفكار القديمة عن طريق تبديل تسلسل الأنماط لتحرير المعلومات الحبيسة وتحفيزها لتخرج بصورة جديدة، فضلاً عن أنها أداة إستثارية تتعمد الخطأ في مرحلة ما لتحقيق نتيجة صحيحة. وهذا مستحيل في التفكير العمودي، فهو نمط إنتقائي يختار الطريق الأسلم والأقصر لحل المشكلة، فلا يتحرك إلى الأمام إلا بواسطة خطوات منطقية متعاقبة تسير في إتجاه محدد بوضوح. نمط تسلسلي يتقدم خطوة واحدة في الوقت الواحد، وتعتمد كل خطوة على ما سبقها من خطوات من أجل التوصل إلى نتائج مثبتة بسبب صحة الخطوات وليس صحتها. فالصواب هو المهم وهو جوهر النمط العمودي، وجوب صحة جميع الخطوات وبدون هذه الضرورة لن يعمل هذا النمط المنطقي.

في المقابل، يبحث النمط الإبداعي عن عدة مجالات وعن معلومات ليست ذو علاقة بالموضوع ليقوم بتوليد عدة بدائل حتى بعد التوصل لمدخل واعد مناسب فالإثراء هو الأهم. فهو نمط إستثاري يسير من أجل خلق إتجاه ولا داعي أن تكون أفكاره متسلسلة وخطواته صحيحة طالما أن النتيجة صحيحة. بمعنى ثاني، نمط وثاب يقفز إلى فكرة جديدة من ثم يملأ الفراغات ليسد الفجوة، من حيث أن هناك مواقف معينة، توجب أن يكون المرء مخطئاً كي يكون على صواب في النهاية، فمن المفيد أن تمر في المنطقة الخطأ كي تصل إلى موقف يمكن منه رؤية الصواب، فلا عجب أنه نمط يعتمد أحياناً الأساليب المقلوبة. وهذا ما يجعل العديد من الناس يشعر بعدم إرتياح من التفكير الإبداعي ظناً بأنه يهدد مصداقية التفكير التقليدي- العمودي - السائد. وهذا غير صحيح إطلاقاً فهما نمطان مكملان لبعضهما البعض، خاصة أن الإهتمام الزائد المرتبط

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير