تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أسباب السعادة!]

ـ[رحمة]ــــــــ[10 - 10 - 2010, 06:42 م]ـ

السعادةُ

ذلك الشُّعور الذي يَسعَى له الخَلْق كلُّهم، فمنهم مَن يصيبه، ومنهم مَن يُخطئه، ومنهم مَن هو بيْن بيْن، على أنَّ السعادة أمرٌ داخلي، لا يمكن لأحدٍ أن يراه، ولا أن يُمسِكَه، وهو لا يُباع ولا يُشترَى، وإنما هو هِبةٌ مِن الله يَهبُها لمَن يشاء مِن عباده، ومن فضْله أنَّه جعَل لذلك أسبابًا يجتهد الإنسانُ في تحصيلها، وأعظمُ هذه الأسباب - في نظري -: أنْ يقتنعَ الإنسانُ بأنَّه لا يمكن لأحدٍ أن يُعطيَه السعادة، بل هي شعورٌ ذاتي، يُغذِّيه عملٌ خارجي.

وللسعادة دَورٌ مهمٌّ

يؤثِّر في مسار حياتنا، وانظر معي إلى هذَين الشخصين؛ لتعرِفَ الفارِق بينهما، فهذا شخصٌ إذا سألتَه عن مشاعره، أجاب: بأني سعيدٌ في حياتي، وأنا - والحمد لله - منسجِم مع مَن حولي، فتقوم مِن عنده منشرحَ الصدر، هادئَ البال، أمَّا الآخر؛ فإذا سألتَه عن حاله أدخلَك في متاهة وكآبة، وأجابك: إنِّي تعيس ومسكين، وضيَّق الدنيا في عينك، وأخذ ينعَى على القدر، حيث جعلَه تَعيسًا، وأخذ يلوم الناسَ إذ لم يهتمُّوا بمشاعرِه، ويُراعوا حالَه، ويتلطَّفوا معه، بل هم في كلِّ يومٍ يَزيدونه تعاسةً، ويحبطون مشاعرَه، لا شكَّ أنَّ شعورَ هذا التعيس قد أصابك بظِلاله، ولكن لا بأسَ عليك ما دُمتَ تَلْقى مثلَ صاحبك الأول، فيغسل عنك ما علَق بنفسك مِن كآبة الثاني.

والسَّعادة وإنْ كانت عزيزةَ المنال، إلا أنَّها مع ذلك تَقبل مَن يخطُبها، ويطلب وُدَّها؛ إذ هي كريمةٌ مع أحبابها، لكنَّها تشترط على خُطَّابها البحثَ عن أسبابها، وهذه بعضُ أسباب السعادة الكثيرة، التي استقرأتُها، وهي تحتاج إلى أن يَسعَى الإنسانُ للتدريب عليها؛ حتى تصبحَ خُلُقًا له:

1 - الرضا بالقضاء والقدر: لِمَا يورثه ذلك من طُمأنينة وراحة بالٍ، حيث يوقِن الإنسانُ بأنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئَه، وأنَّ ما أخطأه لم يكن ليصيبَه، وهذا الرِّضا هو أعظمُ علاج يمكن أن يُعالِج الإنسانُ به نفسَه؛ ليحصلَ على السعادة؛ لأنَّه يمثِّل القاسمَ المشترك بيْن السعداء، حيث يرضَوْن بما هم فيه، ويستمتعون به كما هو، دون تفكيرٍ في غيره، وليتَنا نتعلم الرِّضا من الأطفال الصِّغار، الذين يتكيَّفون مع أيِّ وضْع يُوجَدون فيه، ويَرضَوْن، فيشعرون - تبعًا لذلك - بالسعادة.

2 - الابتسام في وجوه الناس: إنَّ الابتسام خُلُق فاضِل، وهو صدقةٌ؛ لِمَا جاء في الحديث: ((وتبسُّمُك في وجه أخيك صدقة))، وفائدته ما يُدخل في قلْب صاحبه من شعور بالسعادة، ونفْع الناس؛ إذ إنَّ أكثرَ الناس مهمومٌ حزين، شاكٍ مِن حاله وحياته، فإذا رأَوْا مَن يتبسم في وجوههم، استبشروا واستروحوا، ودخلتْ بشائرُ السعادة في نفوسهم، وصاحِب الابتسام ينعكِسُ عليه هذا، حين يردُّون على ابتسامه بالمِثْل، فتدخل السعادة قلبه، وهو السببُ الأصلي لها، فما زال الناسُ في شوْق للقائه، والانبساط إليه.

وما ظنُّك بإنسانٍ يجد الحفاوة أينما حلَّ، هل تظنُّه يكتئِب، أم هو في بِشْرٍ دائم؟! وهذا جزاؤه العاجِل، وما عندَ الله خير وأبقَى.

ومِن عجائب الابتسام أن يفطنَ إليه الغربيُّون مِن خلال التجرِبة والعادة، ويغفُلَ عنه المسلمون رغمَ أنه مِن دِينهم!

3 - السلام: وهو اسمٌ على مسمًّى، وهو دُعاء لأخيك ولِمَن تُسلِّم عليه بالسَّلامة، وهو سبيلٌ إلى السعادة؛ لِمَا يُحدِثه في المجتمع، حيث يأمنُ الناسُ بعضُهم بعضًا؛ لأنَّه لا يفعله إلا مؤمِن قدِ استحكم الإيمانُ في قلبه؛ عملاً بهَديِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين أمرَنا بالسلام في قوله: ((والذي نفْسي بيده لا تدخلوا الجَنَّة حتى تؤمنوا، ولا تُؤمِنوا حتى تحابُّوا، أوَلاَ أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتُم؟ أفْشُوا السلامَ بينكم)).

فخُلق السلام داعيةٌ للأمْن في المجتمع، وإذا أمِن الناس فقد حصَّلوا شطرَ السعادة بإذن الله؛ لأنَّ "السعادة تنقسم إلى سعادة فردية، وسعادة اجتماعية".

4 - صُنْع المعروف وممارسة الأعمال التطوعيَّة: جاء في الحديث عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((لا يحقرنَّ أحدُكم من المعروف شيئًا))، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مِن أفْضل العملِ إدْخالُ السُّرور على المؤمِن)).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير