[. ] [ .. هل أنا حرامي ..]
ـ[السهل الممتنع]ــــــــ[20 - 09 - 2010, 10:56 ص]ـ
يحكى إن طبيباً سودانياً .. كان قد سافر إلى «دبلن» لامتحان الجزء الأول من تخصصه الطبي .. وكانت رسوم…
ذاك الامتحان هي 309 جنيهاً استرلينياً .. ولأن الطبيب لم يجد «فكة» فقد دفع 310 جنيهاً .. وفجأة جاءه
خطاب من الكلية في السودان .. بعد أن عاد من «إيرلندا» وفي طي الخطاب شيك بواحد جنيه .. مع الإيضاح للطبيب ..
أنه كان قد دفع للكلية 310 جنيهاً .. مع أن الرسوم .. هي 309 جنيهاً.
والحق .. فقد أعادتني هذه القصة لأحداث شخصية حدثت معي شخصياً أولها .. أنه وفي العام 1968 كنت قد
اشتريت لوري .. بدفورد صنع انجلترا .. من وكيل الشركة هنا في الخرطوم .. بملبغ ألفين وأربعمائة جنيه سوداني ..
لا تدهشوا .. ولا تعجبوا .. فقد كان ذلك أوان «العز» والترف الذي ذرته الرياح وتبددت أيامه كما الدخان ..
المهم .. وبعد أربعة أو ستة أشهر لا أذكر فقد وصلني خطاب .. من الشركة يبلغني بأن المصنع الانجليزي ..
قد أفادهم .. بخطاب .. به من الاعتذار .. ما يخجل .. حتى ذاك الذي لا يخجل معتذراً المصنع بأن هناك خطأ في
تكلفة التصنيع وأن الثمن الحقيقي للوري .. هو فقط .. 2370 جنيهاً .. وعليه .. ترجو إدارة المصنع في الاتصال ..
بالشركة حتى استرد منها ثلاثين جنيهاً.
سعدت حد الطرب .. ليس لذاك الفرق لصالحي .. ولا لثلاثين جنيهاً هبطت فجأة في «جيبي» كانت سعادتي ..
لتلك الروح والأخلاق العالية والأمانة النادرة .. والإنسانية الشاسعة .. والدقة المتناهية .. التي يتمتع بها المواطن
البريطاني .. وحزنت حد البكاء والغضب .. وأنا انظر حولي .. لأقيس وأقارن .. وكيف .. أن السواد الأعظم من
بني وطني .. ومن جماهير شعبي .. الذين يعملون بالتجارة .. والتعامل .. المباشر مع بني وطنهم .. كيف أنهم ..
يجافون .. تعاليم دينهم .. الذي يحث على الأمانة والصدق .. وكيف يحرم .. أكل أموال الناس بالباطل ..
وحادثة أخرى .. كنت أنا بالأسف كله .. بطلها الأوحد .. وكان ذلك .. في العام 1978م وأيضاً كان ذلك
في أيام العز .. بل الترف .. والثراء العريص .. عندما كانت زيارة لندن بالنسبة لي .. تماماً مثل زيارة .. أم بدة ..
أو الكدرو .. فقد كنت دائم التردد على لندن .. المهم كنت أقيم في «بادنجتون» .. استقل يومياً قطار الأنفاق ..
من تلك المحطة .. ويومياً .. كنت أمر على «كشك» سيدة انجليزية عجوز .. أثرثر معها .. كثيراً و «أتونس»
معها .. يومياً .. ثم اشتري «لوح» شيكولاته .. بمبلغ ثمانية عشر بنساً .. كانت تلك العجوز .. «ترص» الواح
الشيكولاته على «الرف» مع وضع ديباجة تعلن ثمن السلعة .. جئتها يوماً وكالعادة .. وفي أثناء «الونسة» لمحت ..
أنها قد وضعت على «رف» آخر .. الواحاً من الشيكولاتة .. ولكنها تحمل ديباجة السعروهو عشرون بنساً وهي
ترقد جنباً إلى جنب .. الرف الآخر المكتوب عليه ديباجة الثمن .. ثمانية عشر بنساً .. سألت المرأة .. اليوم أرى عندك ..
نوع جديد .. أجابت في اقتضاب .. نفس النوع .. واصلت متسائلاً. إذن وزن وحجم جديد ..
أجابت نفس الوزن والحجم .. واصلت «ثقالتي» وأنا أقول .. إذن هو مصنع آخر أجابت .. نفس المصنع ..
هنا سألت إذن لماذا والحال هكذا .. هناك ثمنان أحد الأرفف يحمل 18 بنساً .. ورف آخر يحمل 20 بنساً ..
أجابتني .. شارحة الوضع .. قائلة .. هناك مشاكل في نيجيريا .. التي يأتي منها الكاكاو وهذا هو الثمن الجديد ..
هنا سألت المرأة .. قائلاً ترى من يشتري منك بعشرين بنساً مادام أنت تبيعين نفس النوع بثمانية عشر بنساً ..
هنا قالت نعم أنا أعمل ذلك .. ولكن بعد أن ينفد ذاك الذي هو بالسعر القديم .. سوف يشتري الناس بالسعر الجديد ..
هنا قلت لها في غفلة وبلادة ولا مبالاة وإهمال .. لماذا لا تخلطين النوعين معاً وتبيعين بالسعر الجديد .. أي بعشرين بنساً ..
هنا جحظت عيون المرأة .. وبات وجهها في صفرة الموت .. ثم مالت نحوي .. وهي تهمس في فزع .. هل أنت حرامي؟؟
ولا زلت .. ومنذ ذاك التاريخ .. أسأل نفسي.
هل أنا حرامي؟؟ أم هي غشيمة .. بهيمة تلك المرأة .. بل إن «الغنماية تأكل عشاها»
طيب .. إذا كنت أنا حرامي كيف هم أولئك الذين يشترون آلاف الجوالات من الدقيق… وعندما يرتفع السعر
يبيعون .. بالسعر الجديد ..
وفي أي «سقر» أو «جحيم» أو «سعير» يتقلب فيها «محروقاً» من يزيد فجأة سعر «البصل» في مخازنه ..
ويبيعه بالسعر الجديد .. رغم أنه قد اشتراه بالسعر البائس الزهيد القديم ..
ولن أكتب حرفاً واحداً عن «مخزني» السكر
فهؤلاء .. سيواجهون .. أمراً «مراً» في ذاك اليوم الرهيب…
ــــــــــــــــــــــــــ
هنا ينتهي المقال
ـ[خود]ــــــــ[20 - 09 - 2010, 11:19 ص]ـ
عزيزتي أم غسّان
لا رقابة يقظة .. و لا ضمير يقظ .. و لا شعب يدري عن حقوقه
كل هذا ولّد لدى تجارنا هذا الغش، و تجرأ علينا كل من يتاجر بيننا و لنا و من أجلنا ..
أظنكم تذكرون تماما تلك الفترة المؤلمة التي ارتفع فيها سعر المشروبات الغازية
فصار حديث الناس، و كلٌ يتناوله بما يُملي عليه جيبه ..
هناك من علّق اللوائح (معقولة نص ريال يفرقنا يا .... )
فنصف ريال على كل علبة لا تؤثر على ميزانية أخينا في الله، فراح يعبر عن حبه للمنتج و حبه للتجار و استغلالهم و حبه للمفتشين و رقابتهم لأنهم يستغلونه في حدود طاقته!!
أما الفئة الثانية ـ و التي أنتمي إليها و بلا فخر ـ تجمهرنا و تجمعنا، لا للوصول للمسؤولين و ايصال صوتنا لهم، و و لا حتى من أجل اتخاذ قرار شخصي و شجاع بمقاطعة هذا المنتج؛ بل من أجل شكوى الحال لبعضنا بعض، فنصف ريال على كل علبة، و ثلاث علب (كأقل تقدير) يوميا سيُضعف ميزانيتنا، و كنا حريصون جدا على اغلاق الباب جيدا و التحدث بصوت مهموس لئلا يسمعنا أحد المسؤولين فيهم من كلامنا رفضا لا سمح الله!!
برروا ارتفاع سعره بارتفاع سعر السكر .. رضينا و آمنا ..
بعد شهرين أو أقل انخفض سعر السكر بشكل ملحوظ، و ما زالوا مُصرين على أخذ نصوصنا!!
أم غسّان ..
نحنُ أرض خصبة ..
فليهنأ بنا (الحرامية)
¥