تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الغنائم أيها النائم]

ـ[الخبراني]ــــــــ[27 - 08 - 2010, 06:38 ص]ـ

[الغنائم أيها النائم]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فإن كل إنسان يحب أن يربح، ويريد أن يكسب، وإذا تيسر له الكسب بدون جهد يذكر، وبقدر أكبر، فما من شك أن سيكون أشد حرصاً وأعظم اهتماماً بذلك، فإذا ضُمن له ذلك المغنم في كل يوم فإنه سيواظب بلا انقطاع على التحصيل وجمع المزيد؛ لأن ذلك يعظم أرباحه ويزيد ماله ولن يدخر جهداً في سبيل حصوله على ذلك الكسب من ذلك المورد، ولن يفرط في أي سبب، ولن يتأخر عن أي موعد، ومثل هذا ستراه بعد زمن وقد عظمت مغانمه، وزادت مكاسبه.

والآن ما رأيك لو أنك أنت – أخي القارئ أختي القارئة الذي دعيت لتأخذ تلك المغانم، وتنال تلك المكاسب، إنها تبذل لك وتقيد في رصيدك، بدون أي تأخير أو تقصير، هل ستفرط فيها أو تتنازل عنها؟ إن تفكيرك في مصلحتك وفائدتك سيمنعك من ذلك.

وأريدك الآن أن تواصل معي وتعطيني رأيك أيضاً، ما قولك لو أن الدعوة إلى تلك الغنائم كانت للجميع، وكل من حضر في الوقت المحدد ويؤدي العمل الميسر سينال أعطيات جزيلة، ومنحاً عظيمة؟ ألست معي أن الجميع سيبادرون، وسيوصي كل أحد أبناءه وأقرباءه ليشاركوا في الحصول على الغنائم، وسيكون المتخلف عن ذلك – عند الجميع – مفرطاً وجانياً على نفسه، ومضيعاً للفرصة العظيمة في الحصول على الغنيمة الكبيرة ولنقل إن تلك الغنائم تقدمها دولة غنية، أو جمع من كبار الأثرياء، وأن المكافأة التي تعطى كل يوم هي عشرة آلاف ريال، يتسلمها كل من يأتي إلى المكان المحدد ولوقت المحدد ويؤدي عملاً يسيراً يستغرق نحو ربع ساعة، وإن زاد لايتجاوز نصف الساعة، فما رأيك بعد كل هذا الإيضاح فيمن يترك ذلك ويتخلف عنه ولا يبادر إليه بسبب رغبته في النوم وحبه للراحة!! وما عساك أن تقول فيمن يكاد يتخلف عن ذلك يوم ويضيع بالتالي عشرة آلاف ريال كل يوم!.ـ

وأخيراً دعني أخبرك أن الذي يعطي تلك الغنائم ليس غنياً من الأغنياء وإنما هو الله رب الأرض والسماء، وأن الغنائم ليست دراهم ولا دنانير ولا ذهباً ولا فضة، وإنما هي الحسنات والدرجات والجنات.

أليس من الأحرى أن يزداد الحرص ويعظم الاهتمام؟ لأن المعطي هو الذي لا تنفد خزائنه، ولا يُخلف وعده، ولأنه الكريم الذي لا منتهى لكرمه، والعظيم الذي لاحد لعظمته.

أليس من الأحرى أن لا تفوت الفرصة، ولا تضيع الغنيمة؟ أليس كل مفرط مغبون؟ أليس كل مقصر خاسر؟ أليس كل مضيع محروم؟ بلى والله، وما أعظم الخسران لمن ضيع الغنائم وهو نائم، لم يكن به مرض مقعد، ولا حال دونه ودون مراده عدو قاهر.

إنني أعني بكل ما سبق النائمين المتخلفين عن صلاة الفجر وإنني لأهمس - بل أصرخ – في أذن كل منهم: " الغنائم أيها النائم"

* غنائم الفجر

الغنيمة الأولى: الحرية الإيجابية:ـ

عن أبي هريرة – رضي الله عنه -، عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة، عليك ليل طويل فارقد،فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان) [متفق عليه]

الشيطان يقيّدك، وعن الخير يقعدك، وفي أسره يحبسك، إنه يصدك عن الذكر ويحرمك من عظيم الأجر، إذا أردت أن تجيب النداء " حي على الصلاة" ردك بالترغيب في النوم، وإذا سمعت المقارنة " الصلاة خير من النوم" صرفك عن الخير بالمزيد من النوم؛ فإن كنت ذا عزيمة، وتنبهت وتوضأت وبادرت إلى أداء الصلاة، كنت في كل خطوة تحطم قيداً من قيوده، وتهزم جنداً من جنوده، وما تزال مواصلاً تذكر الله فتحل عقدة، ثم تمضي مصرّاً على مخالفته فتتوضأ فتنحل الثانية، ثم تتابع مقبلاً على الله فتقل قوته وتنفك من أسره فتصبح وقد تحررت من قيده، وتغلبت على مكره وكيده.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير