تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[للفقر ويلات!! وفواجع!!]

ـ[الخبراني]ــــــــ[08 - 10 - 2010, 11:38 ص]ـ

ثمة ظاهرة غريبة لا تظهر إلا في دول العالم الثالث، ودولنا العربية على وجه التحديد!؛ ففيها تستطيع أن تجد شخصاً موهوباً في كل شيء! تجده تاجراً، خيالاً، قناصاً، شاعراً، رساماً، كاتباً، مثقفاً، مفكراً ومسؤولاً كبيراً في الوقت ذاته! ثم بعد كل هذه النعم الظاهرة والباطنة ـ وما خفي أعظم ـ تجده يصوّر نفسه على أنه إنسان بسيط، وربما زعم أنه فقير .. !

في الصيف، وعند الساعة الواحدة ظهراً، كانت درجة الحرارة تناهز الـ"50" درجة مئوية، وكنت أقف أمام إحدى الإشارات المرورية أنتظرها بفارغ الصبر ونفحات "المكيف" الرقراقة تداعبني، عندها كانت تطرق نافذة السيارة سيدة مسنة، لوت الليالي كفها على العصا، وكانت تطلب الحديث معي، فقلت لها من خلف الزجاج "على الله"، والتفتُّ أمامي! فطرقت الزجاج ثانية وطلبت الحديث معي مرة أخرى، عندها! فتحت النافذة، فبادرتني بهذا الطلب المفجع "أريد ماء"، وكانت تشير بأناملها المتصدعة إلى قارورة ماء كانت مرمية في سيارتي، فأخبرتها بأنها ساخنة جداً وقد أبرحتها أشعة الشمس ضرباً أياماً عديدة! فقالت "أعطني الماء" .. !

وفي الصيدلية تم القبض على مواطن سعودي وهو متلبس بالسرقة، ولكن سرقة ماذا؟ كان يسرق "حليب أطفال"! تُرى، أين يكمن الألم الحقيقي؟ عندما تشاهد أطفالك يصرخون جوعاً وتتقاطر دموعهم واحدة تلو الأخرى وأنت لا تملك ما تسد به رمقهم؟ أم عندما تهرع إلى صيدلية لتسرق منها حليباً لأطفالك فيتم القبض عليك وإهانتك وتصويرك وفضحك على رؤوس الأشهاد .. ؟

أم عندما تمد يدك إلى المجتمع والجمعيات الخيرية والدولة والمسؤولين على شاشات التلفاز لتطلب منهم أن يتصدقوا عليك ولو بـ"لحم حمار" لتطبخه لثلة من الأيتام والفقراء الذين ينامون في الصيف الساخن بلا "مكيف" ولا ماء ولا كهرباء ولا حتى "لحم حمار" .. !

كانت تقفز إلى ذهني كثيراً قصة عُمَر والمرأة الفقيرة التي توهم أطفالها الجياع بأنها تطبخ لهم العشاء؛ ليناموا على وقع الوهم! وكان يؤلمني كثيراً كيف تردت بنا الأحوال بين موقف عمر ـ رضي الله عنه ـ مع المرأة الفقيرة، والفقراء الذين يجوبون شوارعنا صباح مساء وقليلاً ما نلتفت إليهم، يسرقون حليباً للأطفال، أو يشربون ماء ملتهباً تحت أشعة الشمس الحارقة! أو يحلمون حتى بـ"لحم حمار"، وأولئك التجار الموهوبين الذين تتكدس في أرصدتهم الملايين ثم يزعمون أنهم فقراء .. !

هل في هذا ما يفضي حقاً إلى نتيجة قاسية؟ .. إن معظم هؤلاء المترفين لا يعرفون شيئاً عن الفقر سوى اسمه .. ! لا يعرفون كيف يهين الفقر أصحابه! كيف يكسر أنفسهم، وكيف تتحطم على صخرته آمالهم وأحلاهم! وكيف تهدر كرامة شيخ جليل، وتتناثر دموعه وهو يستجدي للقمة يضعها في فم أطفاله! وكيف يُهتك عرض سيدة فقيرة قررت أن تبيع شرفها لتهرب إلى الكفاف! وكيف بعد كل هذا يأتي من يحسد الفقراء على أخص خصوصياتهم وهي آلام الفقر ليتاجر بها زوراً ويزعم بأنه فقير .. ! أكاد أجزم لو أن "الست" سمعت بهؤلاء لكانت تغني على أنغام العدم المأساوية وترف الأحلام المخملية، كلمات ليست كالكلمات .. !

مذكرات آلامنا وأحزاننا

منصور القحطاني.

من موقع صحيفة واقع الإلكترونية وهي بعنوان " فقر إيه " هنا ( http://www.alwaqe.com/articles.php?action=show&id=321)

ـ[بنت عبد الله]ــــــــ[08 - 10 - 2010, 12:57 م]ـ

إن معظم هؤلاء المترفين لا يعرفون شيئاً عن الفقر سوى اسمه .. ! لا يعرفون كيف يهين الفقر أصحابه! كيف يكسر أنفسهم، وكيف تتحطم على صخرته آمالهم وأحلاهم! وكيف تهدر كرامة شيخ جليل، وتتناثر دموعه وهو يستجدي للقمة يضعها في فم أطفاله! وكيف يُهتك عرض سيدة فقيرة قررت أن تبيع شرفها لتهرب إلى الكفاف! وكيف بعد كل هذا يأتي من يحسد الفقراء على أخص خصوصياتهم وهي آلام الفقر ليتاجر بها زوراً ويزعم بأنه فقير .. !

بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا

ـ[بل الصدى]ــــــــ[08 - 10 - 2010, 07:29 م]ـ

من كاتب الموضوع؟

ـ[السراج]ــــــــ[08 - 10 - 2010, 08:50 م]ـ

وكيف تهدر كرامة شيخ جليل، وتتناثر دموعه وهو يستجدي للقمة يضعها في فم أطفاله!

إنه القلب الرحيم الذي تآلف مع انعدام الحاجة.لقد رأيتُ مثل هذه المشاهد (المؤلمة) وعرفتُ بل عشتُ كيف تستطيع رياح الفقر أن تتخلل أوهن الأجساد وتزيدها وهنا ..

مقال مميز .. شكراً الخبراني

ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[08 - 10 - 2010, 09:57 م]ـ

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد:

الأستاذ الفاضل: الخبراني

جزاك الله خيرا، مقال قيم، جعله الله في موازين حسناتكم يوم تلقونه، وكتب الله لكم الأجر والمثوبة، ونفع بكم الأمة الإسلامية / اللهم آمين.

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[08 - 10 - 2010, 10:00 م]ـ

في عصر يبحث فيه السلطان على كيفية إرساء قواعد ملكه، والوزير عن كيفية إرضاء واليه، والرعية على كيفية الحصول على المادة بأي شكل، والرجل عن زوجة ثانية وثالثة ورابعة وعاشرة، فلا تتعجب فإن اللغة السائدة هي نفسي ثم نفسي ثم نفسي والأخرين (يتحرقوا بجاز) إلا من رحم ربي، أين هؤلاء المسلمين الذين كانوا يدقون أبواب غيرهم من أجل البحث عن محتاج أو من أجل إسعاد حزين أو أو أو، في هذا الوقت لا تتعجب عزيزي الخبراني من أي شيء، شكرًا لك على ما كتبت أو ما نقلت فالدال على الخير كفاعله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير