تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد يؤدي ضعف التركيز أحياناً إلى اكتساب معلومات مضطربة أو مغلوطة أو ناقصة، مما يقود إلى نتيجة عكسية تضر القارئ ولا تنفعه، وقد يتعدى ضرره إلى غيره .. !

إن امتلاك القدرة على التركيز واستحضار الفكر امتلاك لزمام المادة العلمية، وهي السبيل الرئيس للوصول إلى الفهم والإتقان. ويختلف مقدار التركيز المطلوب في القراءة حسب طبيعة الكتاب المقروء؛ ومستواه، وحسب مستوى القارئ الثقافي أيضاً، وحسب الهدف من القراءة؛ فمقدار التركيز الواجب لقراءة كتاب علمي متخصص يختلف عن التركيز المطلوب لقراءة قصة أدبية أو كتاب في الثقافة العامة.

وهذا يقودني إلى تقسيم القراءة إلى نوعين:

النوع الأول: القراءة التصفحية: وهي القراءة التي يريد منها القارئ الاطلاع على مادة الكتاب وموضوعاته الرئيسة، ويريد منها التعرف من حيث الجملة على أبوابه وفصوله، ومنهج المؤلف وطريقة عرضه. وهذه الطريقة تصلح أن تكون مقدمة للقراءة، وبعدها يقرر القارئ جدوى إعادة قراءة الكتاب بتركيز، أو الاكتفاء بالتصفح السريع. والاكتفاء بذلك يصلح لتكوين معلومات عامة، ولكنه لا يبني علماً راسخاً.

النوع الثاني: القراءة العلمية: وهي القراءة المركزة التي يستجيب فيها القارئ لمادة الكتاب، ويتفاعل معها، ويرمي إلى تحليلها وبيان أفكارها وأهدافها، وقد يدخل في حوار إيجابي معها. وهذا النوع من القراءة هو الطريق الصحيح للبناء العلمي والمعرفي. ولأهميتها في تثبيت المعلومات، ولأهمية الكتاب المقروء قد يرى القارئ إعادة قراءته عدة مرات لترسيخ المكتسبات العلمية التي تحصَّل عليها، ولاكتساب معلومات أخرى ربما لم تتيسر له في القراءة الأولى، وها هو ذا المزني يقرأ كتاب (الرسالة) للإمام الشافعي خمسمائة مرة (6)!

وآفة كثير من القراء أنَّ أحدهم قد يعمد إلى قراءة الكتاب العلمي العميق قراءة تصفحية كما يقرأ الجريدة، ويكون همه الانتهاء من الكتاب، ولك أن تتخيل ماذا يمكن أن تكون حصيلة القارئ حينما تكون هذه هي طريقته دائماً في القراءة .. !!

وقد ذكر العلماء والتربويون أسباباً كثيرة تعين القارئ على التركيز، مثل: اختيار الأوقات المناسبة، والأماكن الملائمة الخالية من الصوارف، وأن يكون خالي الذهن، ولديه الاستعداد العقلي والنفسي الذي يعينه على استجماع قدراته الفكرية .. ونحو ذلك مما يطول وصفه، ولكن يجمعها وصف واحد وهو: أن يكون جاداً حريصاً ذا همة صادقة؛ فمن امتلك هذا الوصف حرص على تذليل كافة العقبات التي قد تعرض له.


(1) سير أعلام النبلاء (13/ 251).
(2) أخرجه: الخطيب في تاريخه (9/ 127)، وانظر السلسلة الصحيحة (1/ 605).
(3) جامع بيان العلم وفضله (2/ 1231).
(4) روضة المحبين، ص 70.
(5) خصام ونقد، ص 6.
(6) مقدمة الرسالة، ص 4، وما أجمل قول الإمام البخاري: "لا أعلم شيئاً أنفع للحفظ من نهمة الرجل ومداومة النظر" هدي الساري، ص 488.

ـ[أبو سهيل]ــــــــ[16 - 09 - 2010, 04:45 ص]ـ
من آفات القراء
(2 ـ 2)
أحمد بن عبد الرحمن الصويان
في المقالة السابقة تحدثت عن أهمية القراءة ومكانة القرَّاء، وذكرت آفتين من آفات القراء هما: "قلة الصبر على القراءة والمطالعة"، و"ضعف التركيز". وفي هذه المقالة أذكر الآفة الثالثة بإذن الله ـ تعالى ـ.
الآفة الثالثة: ضعف المنهجية في القراءة:
المكتبة الإسلامية مليئة ـ بحمد الله تعالى ـ بالإصدارات العلمية في مختلف فنون العلم والمعرفة، وتحتوي على حصيلة كبيرة من الكتب والدراسات والأبحاث التي جاءت نتيجة جهود تراكمية متتابعة ومستفيضة تنمو عبر السنين.
ويختلف هذا الإنتاج قوة وضعفاً، وأصالة وتقليداً، ولا يستطيع المرء مهما أوتي من ملكات وقدرات أن يغطي جزءاً يسيراً من ذلك النتاج الضخم.
وقد يحار القارئ ـ المبتدئ خاصة ـ من أين يبدأ؟! وكيف يبدأ؟! ولذا كان الواجب على القارئ أن يرسم لنفسه منهجية واضحة للقراءة يدرك من خلالها إلى أين يسير .. وما أهدافه؟! ولعلِّي أذكر ها هنا الملحوظتين الآتيتين:
الأولى: بناء القاعدة العلمية:
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير