2 - اعتمدت الماتريدية في إثبات وجود الله على دليل حدوث الأعراض والأجسام، وهي طريقة باطلة لا اعتبارَ لها عند السلف، وإنما هي طريقة غلاة الفلاسفة وأهل الكلام المذموم.
3 - يستدل الماتريدية على وحدانية الله تعالى بقوله عز وجل: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ} عَمَّا يَصِفُونَ، وهو ما يسميه البعضُ بدليل التمانع، وقد خطّأهم السلف في هذا المفهوم، مع إقرار السلف بأنّ دليل التمانع صحيح في دلالته على امتناع صدور العالم عن إلهين، لكن ليس هذا هو المقصود من الآية الكريمة.
4 - تثبت الماتريدية جميع الأسماء الحسنى لدلالة السمع عليها، إلا إنهم غلوا في الإثبات ومدلول الأسماء لعدم تفريقهم بين ما جاء في باب التسمية وبين ماجاء في اسم "الله" فقط، وأمَّا ما عداه فمدلوله يؤخذ عندهم من الصفات التي أثبتوها فلم يقفوا على ما ثبت بالسمعِ فقط.
5 - وقف الماتريديون في باب الصفات على إثبات بعض الصفات دون غيرها؛ فأثبتوا من الصفات: القدرة، العلم، الحياة، الإرادة، السمع، البصر، الكلام، التكوين، وذلك لدلالة العقل عليها عندهم. وهو تحكمٌ باطل، وقد ألزمهم السلفُ بإثباتِ ما نفوه بنفسِ الدليل الذي أثبتوا به تلك الصفات الثمانية.
6 - نفت الماتريدية جميع الصفات الخبرية الثابتة بالكتاب والسنة؛ لأن في إثباتها ـ بزعمهم ـ مخالفة للعقل الذي يرى في إثباتها ما يدعو إلى وصف الله تعالى بالتشبيه والتجسيم.
ولقد دحض السلف هذا المفهوم الباطل والاعتقاد الخاطيء. وكذلك نفوا [أي: الماتريدية] ثبوت الصفات الاختيارية لله تعالى التي هي صفات الفعل اللازمة لله تعالى، لأنها كذلك تؤدي إلى التشبيه والتجسيم، وقد أبطلَ السلفُ هذا المفهوم وفندوا شبههم.
7 - يعتقد الماتريديون أنَّ كلام الله تعالى معنى واحد قديم أزلي، ليس له تعلّق بمشيئة الله تعالى وقدرته، وأنّه ليس بحروف ولا صوت، بل هو كلام نفسي لا يُسمع، بل المسموع منه إنما هو عبارة عنه، وهو اعتقاد باطل مخالف للكتاب والسنة ولما عليه السلف.
8 - حصر الماتريديون الدليل على صدق الأنبياء في ظهور المعجزات على أيديهم؛ لأنها تفيد العلم اليقيني وحدها بزعمهم. والسلف لا يختلفون في أن المعجزات دليل صحيح معتبر لصدق الأنبياء، ولكنهم يخالفونهم في حصر أدلة صدق الأنبياء في المعجزات فقط دون النظر إلى الأدلة الأخرى.
9 - يرى الماتريديون أن كل المسائل المتعلقة باليوم الآخر لا تعلم إلا بالسمعِ ودلَّ عليها العقل أيضًا.
10 - أثبت الماتريديون رؤية الله تعالى، ولكنهم نفوا الجهة والمقابلة، وخالفهم السلف واعتبروا قول الماتريدية تناقضًا واضطرابًا في مفهومهم للرؤية، ويؤدي إلى إثبات ما لا يمكن رؤيته، وإلى نفي جهة العلو المطلق الثابت لله تعالى.
11 - اعتبر السلف ما ذهب إليه الماتريديون في خلق أفعال العباد اعتقادًا خاطئًا لما فيه إثبات إرادة للعباد مستقلة ـ عن مشيئة الله تعالى، وأنَّ خلق الله لأفعالهم إنما هو تبع لإرادتهم غير المخلوقة، والسلف يعتقدون أنّ لله تعالى وحده المشيئة وأن للعبادِ مشيئة لا تخرج عن مشيئة الله تعالى.
12 - ذهب الماتريدية إلى أن الإيمان هو التصديق بالقلب فقط، وقال بعضُهم: إنه التصديق بالقلب والإقرار باللسان، ومنعوا زيادته ونقصانه، وحرموا الاستثناء فيه ومنعوا التفريق بين مفهوم الإيمان والإسلام. وخالفهم السلف في كل ذلك؛ فإن الإيمان عندهم هو الإقرار باللسان والصديق بالجنان والعمل بالأركان، وأنه يزيد وينقص ويجوز الاستثناء فيه لعدم جواز تزكية النفس. وأمّا الإسلام والإيمان فإنهما متلازمان؛ إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا كما هو الحال في مفهوم الفقير والمسكين ونحو ذلك.
13 - يرى الماتريديون أن الفاسق مؤمن كامل الإيمان، بينما يرى السلف أنه مؤمن بإيمان فاسقٍ بكبيرتِه؛ فلا يسلبون منه الإيمان ولا يثبتون له الكمال فيه.]] ا. هـ.
إلى هنا انتهى ما نقلتُه نصًّا من كتاب الدكتور غالب بن علي عواجي (فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها)، وفي ردٍّ ثان أتناول هذه المخالفات وغيرها بتفصيل أكثر إن شاء الله.
وختامًا أوجّه نصيحتي إلى هذا الصفتي ليرجع عن ضلاله الذي هو فيه، وأقول له ما قاله الشيخ المجاهد شمس الدين بن محمد الأفغاني، في كتابه (عداء الماتريدية للعقيدة السلفية * الماتريدية وموقفهم من الأسماء والصفات الإلهية)، حيث قال:
" غير أن هذا لا يَصُدَّنَّنِيْ عن أن أصارحهم بالحق. وأنصحهم بالذي أحب لنفسي ولهم من الرجوع إلى العقيدة السلفية ونبذ العقائد البدعية، أو أن أزن عقائدهم بميزان الكتاب والسنة، وأبين أخطائهم، نصيحهم لهم خاصة، ولغيرهم عامةً.
* وقد تصديت لهم بعد أن استخرت الله تعالى، وظننت أني سأوفي الموضوع حقه؛ لما كنت من خلطائهم برهة من الدهر في كثير من بدعهم، وخرفاتهم، وعرفت كثيراً من بجرهم وعجرهم، كما عرفت كثيراً من أسرارهم تحت أستارهم، وكثيراً من خباياهم في زواياهم، ونصبهم العداء للعقيدة السلفية وحامليها.
وصاحب البيت أدرى بما فيه، وأهل مكة أعرف بشعابها.
وعلمت أن من واجبي، وأنه من أفضل الجهاد في سبيل الله.
ولنعم ما قيل:
من الدين كشف العيب عن كل كاذب ** وعن كل بدعي أتى بالمصائب"
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته."
إلى هنا انتهى ردّ أخينا الفاضل، أما ما قاله الصفتي في حقي وكيف إنه يصفني بأنني متجريء على السادة العلماء، وأنني أدافع دفاعًا مستميتًا عن الباطل ضد الحق. فالكلُّ يعرف الآن: مَن هو المتجريء، ومَن هو الذي يتخذ الباطل له طريقًا وإمامًا. وجوابه عندي هو:
بَذَرتَ جهلاً وَهُجْرًا فاحصُد أناةَ حليمِ
رَوْثُ اللسَانِ سِمَادٌ في رَوْضِ كُلِّ كَرِيمِ
(اللّهُمَّ زَيّنَا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُدَاةً مُهْتَدِين، اللّهُمَّ اهْدِنَا واهْدِ بِنَا، وانْصُرْنا، وانْصُرْ بِنَا، اللّهُمَّ يَا مُقلِّبَ القُلوبِ، ثَبّتْ قُلوبَنا على دينِك)