ـ[ناصر الدين الخطيب]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 12:11 م]ـ
نافذة رائعة حقّا
جزى الله أبا العبّاس خير الجزاء على طرحه فيها
وبورك في كل المشاركين على مشاركاتهم الرائعة
يقال للهارب من شيء خوفا:
أطلق ساقيه للريح
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 05:39 م]ـ
بعيدا عن الخلاف بين البلاغيين في تعريف الكناية والتفريق بينها وبين التعريض والتورية
فقد تكون الكناية والتورية واستعمال التشبيه سبيلا للوصول إلى المراد والنجاة من المهالك
جاء في كتاب: نهاية الأرب في فنون الأدب
المؤلف: شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويرى (المتوفى: 733هـ)
"قيل: أخذ العسس رجلين فقال لهما: من أنتما؟ فقال أحدهما:
أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره ... وإن نزلت يوما فسوف تعود
ترى الناس أفواجا إلى ضوء ناره ... فمنهم قيامٌ حولها وقعود
وقال الآخر:
أنا ابن من تخضع الرقاب له ... ما بين مخزومها وهاشمها
تأتيه بالذل وهي صاغرة ... يأخذ من مالها ومن دمها
فظنوهما من أولاد الأكابر.
فلما أصبح سأل عنهما، فإذا الأول ابن طباخ والثاني ابن حجام.
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 06:41 م]ـ
ودخلت امرأة على هارون الرشيد وعنده جماعة من وجوه أصحابه, فقالت:
يا أمير المؤمنين: أقر الله عينك، وفرحك بما آتاك، وأتم سعدك لقد حكمت فقسطت.
فقال لها: من تكونين أيتها المرأة. فقالت: من آل برمك ممن قتلت رجالهم، وأخذت أموالهم، وسلبت نوالهم.
فقال: أما الرجال فقد مضى فيهم أمر الله، ونفذ فيهم قدره، وأما المال فمردود إليك، ثم التفت إلى الحاضرين من أصحابه، فقال:
أتدرون ما قالت هذه المرأة، فقالوا: ما نراها قالت إلا خيراً.
قال: ما أظنكم فهمتم ذلك،
أما قولها أقر الله عينك، أي أسكنها عن الحركة، وإذا سكنت العين عن الحركة عميت،
وأما قولها: وفرحك بما آتاك، فأخذته من قوله تعالى: " حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة "
وأما قولها: وأتم الله سعدك، فأخذته من قول الشاعر:
إذا تم أمر بدا نقصه ... ترقب زوالا إذا قيل، تم
وأما قولها لقد حكمت فقسطت، فأخذته من قوله تعالى: " وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً " الجن: 15،
فتعجبوا من ذلك.
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 09:11 م]ـ
ما شاء الله قصة جميلة و رائعة:)
جزاك الله خيرا على هذه النافذة الثرية
و لا أسكت الله لك قلما:) " هذه من عندي:) "
نتابع بشغف ...
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 10:28 م]ـ
ومن جميل الكنايات والتعريض ما جاء في كتاب المستطرف من كلّ فنّ مستظرف "
"وحكي أن هند ابنة النعمان كانت أحسن أهل زمانها، فوصف للحجاج حسنها، فأنفذ إليها يخطبها، وبذل لها مالاً جزيلاً، وتزوج بها، وشرط لها عليه بعد الصداق مائتي ألف درهم ودخل بها، ثم إنها انحدرت معه إلى بلد أبيها المعرة وكانت هند فصيحة أديبة، فأقام بها الحجاج بالمعرة مدة طويلة، ثم إن الحجاج رحل بها إلى العراق فأقامت معه ما شاء الله، ثم دخل عليها في بعض الأيام وهي تنظر في المرآة وتقول:
وما هند إلا مهرة عربية ... سليلة أفراس تحللها بغل
فإن ولدت فحلاً فلله درها ... وإن ولدت بغلاً فجاء به البغل
فانصرف الحجاج راجعاً ولم يدخل عليها، ولم تكن علمت به، فأراد الحجاج طلاقها، فأنفذ إليها عبد الله بن طاهر، وأنفذ لها معه مائتي ألف درهم، وهي التي كانت لها عليه، وقال: يا ابن طاهر طلقها بكلمتين، ولا تزد عليهما، فدخل عبد الله بن طاهر عليها، فقال لها: يقول لك أبو محمد الحجاج كنت فبنت، وهذه المائتا ألف درهم التي كانت لك قبله، فقالت: اعلم يا ابن طاهر: أنا والله كنا فما حمدنا، وبنا فما ندمنا، وهذه المائتا ألف درهم التي جئت بها بشارة لك بخلاصي من كلب بني ثقيف، ثم بعد ذلك بلغ أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان خبرها ووصف له جمالها، فأرسل إليها يخطبها، فأرسلت إليه كتاباً تقول فيه بعد الثناء عليه اعلم يا أمير المؤمنين، أن الإناء ولغ فيه الكلب فلما قرأ عبد الملك الكتاب ضحك من قولها، وكتب إليها يقول: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً إحداهن بالتراب، فاغسلي الإناء يحل الاستعمال، فلما قرأت كتاب أمير المؤمنين لم يمكنها المخالفة، فكتبت إليه بعد الثناء عليه، يا أمير المؤمنين، والله لا أحل العقد إلا بشرط، فإن قلت ما هو الشرط؟ قلت: أن يقود الحجاج محملي من المعرة إلى بلدك التي أنت فيها، ويكون ماشياً حافياً بحليته التي كان فيها أولاً، فلما قرأ عبد الملك ذلك الكتاب ضحك ضحكاً شديداً، وأنفذ إلى الحجاج وأمره بذلك، فلما قرأ الحجاج رسالة أمير المؤمنين أجاب وامتثل الأمر ولم يخالف، وأنفذ إلى هند يأمرها بالتجهز، فتجهزت، وسار الحجاج في موكبه حتى وصل المعرة بلد هند، فركبت هند في محمل الزفاف، وركب حولها جواريها وخدمها، وأخذ الحجاج بزمام البعير يقوده ويسير بها فجعلت هند تتواغد عليه وتضحك مع الهيفاء دايتها، ثم إنها قالت للهيفاء: يا داية اكشفي لي سجف المحمل، فكشفته، فوقع وجهها في وجه الحجاج، فضحكت عليه، فأنشأ يقول:
فإن تضحكي مني فيا طول ليلة ... تركتك فيها كالقباء المفرج
فأجابته هند تقول:
وما نبالي إذا أرواحنا سلمت ... بما فقدناه من مال ومن نشب
فالمال مكتسب والعز مرتجع ... إذا النفوس وقاها الله من عطب
ولم تزل كذلك تضحك وتلعب إلى أن قربت من بلد الخليفة، فرمت بدينار على الأرض، ونادت: يا جمال إنه قد سقط منا درهم، فارفعه إلينا، فنظر الحجاج إلى الأرض، فلم يجد إلا ديناراً، فقال: إنما هو دينار، فقالت: بل هو درهم قال: بل دينار، فقالت: الحمد لله سقط منا درهم، فعوضنا الله ديناراً، فخجل الحجاج وسكت، ولم يرد جواباً، ثم دخل بها على عبد الملك بن مروان، فتزوج بها ... "
¥