تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مادام هنالك من يقرأ القرآن فالعربية موجودة وهذا سر بقائها إلى اليوم لغة متماسكة لم تستقل لهجاتها كما حدث في باقي اللغات كاللاتينية والسكسكونية وغيرها

ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[23 - 08 - 2008, 09:10 م]ـ

أخي الفاضل الدكتور محمد الرحيلي،

السلام عليكم،

لا، العربية لا تعيش مراحل موتها البطيء، العربية قد تمرض لكنها لا تموت! وهي اليوم مريضة.

أدرّس العربية منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي. درّستها في معاهد اللغات الحية ثم (منذ 1995) في الجامعات. كما أنني أترجم من العربية وإليها منذ بداية التسعينيات أيضا. واسمح لي أن ألخص رأيي بناء على التجربة الشخصية في بلجيكا وهولندة:

1. على المستوى الأكاديمي: تزايد عدد طلاب العربية في العشر سنوات الأخيرة من ألف إلى خمسة آلاف طالب في بلجيكا، ومن ألفي إلى سبعة آلاف طالب في هولندة.

2. على المستوى الديني: يبلغ عدد المسلمين الذين يدرسونها في بلجيكا حوالي خمسة وعشرين ألف تلميذ (دروس في المساجد لأبناء المسلمين من مختلف الأصول الإثنية وخصوصا العرب والأمازيغ والأتراك)، وحوالي خمسين ألف تلميذ في هولندة. (يبلغ عدد سكان بلجيكا: عشرة ملايين، وهولندة: عشرين مليونا. وتنظم المساجد دروس العربية لأبناء المسلمين لمدة ست سنوات).

3. على المستوى المدرسي: سيتم إدخال العربية في المناهج المدرسية الحكومية في المرحلتين الإعدادية والثانوية (هذا تم في فرنسا وأكثر دول أوربا ستتبع فرنسا في ذلك).

لدي كتب في تعليم العربية في اللغة الهولندية والفرنسية، تزايدت نسبة مبيعاتها منذ الحادي عشر من سبتمبر تزايد ملفتا للنظر .. وأعيدت طباعتها أربع مرات في خمس سنوات فقط.

هنالك تقرير لمجلة العلوم ( Sciences) المرموقة ذكر أن العربية ستحتل بحلول سنة 2050 المرتبة الثالثة بين لغات البشر (بعد الصينية والهندية) بدلا من المرتبة الخامسة التي تحتلها اليوم. وهذا يعرضها لتحديات بل ومؤامرات أعظمها محاولة إخراجها من هيئة الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية لأنها إحدى اللغات الرسمية للمنظمات الدولية. ولولا تصدي المثقفين العرب والمسلمين المقيمين في الغرب لتلك المحاولات لنجحت المؤامرة لأن النظام العربي الرسمي غير مهتم بمكانة العربية في العالم وبالتالي لا يعول عليه في شيء. والمسؤولون العرب هم المسؤولون الوحيدون في العالم تقريبا الذين لا يتحدثون دائما بلغتهم الوطنية في المجالات الدولية رغم أنها لغة رسمية فيها، ويقدمون بذلك السلوك المؤسف أنموذجا سيئا للغاية، لأنهم لا يقيمون للغتهم وزنا وذلكم بعكس مسؤولي أصغر دول في العالم فإنهم يتحدثون بلغاتهم الوطنية في المحافل الدولية وباعتزاز.

وألخص ـ بناء على تجربتي الشخصية ـ التحديات الحقيقية التي تواجه العربية اليوم:

1. المؤامرة، وهي في الحقيقة أصغر التحديات. وتتمثل في محاولة إخراج العربية من المنظمات الدولية. ولن تنجح لأن المثقفين العرب والمسلمين في الغرب أصبحوا جزءا من تلك المجتمعات ويحولون دون ذلك كما تقدم. كما تتمثل المؤامرة في انتشار المدارس الأجنبية في بلاد العرب وثقة الآباء العمياء فيها. ولدي طلاب من الخليج العربي تخرجوا من مدارس أمريكية فيه يعانون من الإحباط الشديد والفشل في دراستهم في فرنسا وبلجيكا لأنهم ــ مدرسيا ــ ليسوا عربا ولا غربيين وهم في الحقيقة ضائعون والمناهج التي تقدمها تلك المدارس الأجنبية ليست مناهج غربية حقيقية تمكن الطالب من استئناف دراسته في الغرب بل "ضحك على الذقون" ..

2. الفضائيات: غلبة العامية في الفضائيات والتسيب الثقافي والأخلاقي الحاصل فيها وغياب أية استراتيجية واضحة لمستقبل اللغة (بعكس جميع الأمم).

3. عجز المؤسسات الرسمية (مجامع اللغة) عن مواكبة التطور الحاصل في العلوم والمعارف بحيث أصبح لدينا ثغرات مصطلحية كبيرة يعلم مقدارها المترجمون وأنا منهم.

4. غياب أية سياسة أو خطة أو استراتيجية واضحة للتعريب والترجمة، وغياب التنسيق بين الدول العربية في ذلك. وهذه المشكلة عويصة جدا لأن توليد المصطلح ــ وهو من اختصاص مجامع اللغة ــ يترك للمترجم. وأكثر المترجمين غير متمكنين من صنعتهم!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير