تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن للتصغير في اللغة العربية أحكام ضبطت في قواعدها، فالاسم المتحول إلى صيغة " فعيل " و"فعيعل" و"فعيعيل" كلها أسماء التصغير الغرض منها كما هو معروف أن يدل التصغير على صغر الحجم مثل: كتيب ولقيمة. وقلة العدد مثل: وريقات ودريهمات. وقرب الزمان مثل: قبيل الصبح، وبعيد العشاء. والتحقير مثل: أأعجزتك مطاردة هذا اللويصص،.والتعظيم مثل: أصابتك دويهمة أذهلتك. والتحبيب مثل: في طنجة جويرية كالجويهرة ..

وإذا أخذنا صيغة فعيل وطبقنها على القصة من جهة المصدر صارت ُقصَيْصَة. وإذا أخذنا صيغة: فعيعل وطبقنها على القُصَيْصَة من جهة المصدر أيضا صارت ُقصَيْصِصَة، وهذه الأخيرة هل أجعلها للإبداع الذي ذكرته وهو في خمسة أسطر فتكون قصة: الإنبات الغيبي ُقصَيْصِصَة مََمْدَرية؟ الأمر إلي وأنا أحق به من غيري؛ لأني مبدعه. وإذا أخذنا صيغة فعيعيل وطبقنها على القُصيْصِصَة ودائما من جهة المصدر صارت ُقصيْصيصة وهكذا.

وإذن يظهر عدم استفراع الوسع في إطلاق أسماء على مسميات دون أن يكون المبدع موفقا، بل دون أن يكون المبدع مبدعا حقا لأن الإبداع يقضي بالإتيان بالجديد الذي ينطبق على الإبداع ولا يعيبه ..

ومعروف لغويا أن الاسم تشتق منه صفات وأفعال، بينما الصفات وهي نعوت لا تشتق منها أسماء، وعليه فالاسم متضمن للصفة، والصفة مستلزمة للاسم، وإطلاق اسم القصة القصيرة جدا ليس إطلاقا على جنس، بل هو استظهار صفات يظهر فيها الصدق والكذب خلاف الاسم، فأنا إذا أطلقت اسم القُصَيْصَة لم يلحقني عيب، بينما إذا قلت قصة قصيرة جدا لحقني عيب الكذب، صحيح أنه يتضمن اسم القصة وهي المقصودة أولا، ولكن لم هذا الإطلاق على نص يقوم على القصر والضغط وهو لم يقو على تطبيق ذلك حتى على تعريفه، حتى على الاسم العلم واللقب الذي من المفروض أن يبين الجوهر؟

إن ضغط النصوص وكبسلتها وإن لم يكن تشذيبا للنص حتى لا نتهمه في جماليته يخلخل النص من خلال خلخلة اللغة المكتوب بها للسمو بها، واصطفاء الأجود منها، والأبلغ للتعبير عن المعاني المكنونة فيها، فهو ليس تعليبا للنص، وإنما هو تفصيل على القياس لإلباسه جمالية قصوى ربما لا يوجد بعدها غيرها ..

وهذا الضغط / الكبسلة يسوقنا إلى تحديدات لا بد منها، إلى تحديدات لا عيب أن نختلف عليها، ولكن ليس لمجرد الاختلاف، بل لملاحظة المطابقة فيما ُيزعم، وهذا مطلوب فكريا أكثر منه إبداعيا، ولكن بما أننا بصدد التعريف ولو أنها للإبداع، فإن هذا التعريف فكر، وليس أدبا ..

ومن هذا الباب يمكن إطلاق تعاريف للعمل السردي في فن القص فنقول:

أولا: الرواية.

ومن فروعها:

الرواية المزدوجة.

ثانيا: القصة الطويلة.

ثالثا: الرواية القصيرة.

رابعا: القصة القصيرة.

ومن فروعها:

القصة النصفية.

خامسا: الأقصوصة.

ومن فروعها:

الأقصوصة الصحفية.

والأقصوصة الذاتية.

سادسا: القُصَيْصَة.

سابعا: القُصَيْصِصَة

ثامنا: القُصَيْصيصة.

ويمكنني الإشارة إلى تحديد القُصيْصيصة وكأني بها تقنية ُوورْدِية ـ نسبة إلى الوورْدْ ـ في الكتابة الإلكترونية بحيث تستطيع ضغط النص وتصغيره إلى درجة يستحيل معها قراءته، ولكنه في كل الأحوال غير ممتنع باستعمال تقنية أخرى هي تقنية التكبير للحروف لأنه يتحول بعملية الضغط والتصغير إلى شيء مجهري لا نستطيع رؤيته، فكذلك القصيصيصة، إنها قصيصيصة مجهرية يأتي القارئ والمتلقي فيتناولها مجهريا ويتعهدها في ثقافته ومعلوماته السابقة حتى تكبر فيها وهي تتحول في نمو مطرد يهز الذهن والخلد، ويؤز العاطفة أزا، يعنف ولا يخف حتى تظهر أخيرا ويسهل إدراكها وتذوقها، إنها تمثل هذه التقنية بحيث يبدأ المبدع بتصغير الأجرام والعوالم في فراغه المسيج، ثم يأتي القارئ والمتلقي فيقرأ النص المصغر، المضغوط، المكبسل ويعمل على تكبيره .. فالقُصيْصيصة كآخر ما يمكن إبداعه ويؤدي المراد من مكونات القصة بآليات وفنون؛ هي تلك التي يستعملها المبدع أولا، ثم يأتي القارئ ويركب تلك السفينة ليخوض بها المحيطات وهو مبهور بجمالها لا يكاد يلتفت إلى جمال ما يخاض وما يشاهد خارجا عنها إلا بشق الأنفس، يسكن في ظلالها وهي تعدو مطلوبة غير ملحقة ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير