تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهناك تساؤل: ((لماذا القصة الومضة وليس القصة القصيرة جدا؟ -أولا: توصيف القصة بكونها قصيرة جدا هو توصيف معياري وخارجي يستمد مشروعية من خارج النص. أقصد أن وصفها بالقصر المكثف نابع من مقارنتها مع القصة القصيرة. -ثانيا: تسميتها’’ بالقصيرة جدا ’’يسير عكس إستراتيجية الحذف والتكثيف التي تتبناها القصة الومضة. فتسمية بهذا الطول’’القصة القصيرة جدا’’تبدو مفارقة وقصر الجنس الأدبي المراد وصفه. -.ثالثا: القصر المفرط وحده غير كاف لانتساب هذا الحكي أو ذاك للقصة الومضة لأنه ملمحا ووصفا للشكل الخارجي مع إهمال المحتوى. وبالتالي نرى من الأليق تسميتها بالقصة الومضة لأنها تركز في ذات الآن على المحتوى كما الشكل .. )) محمد رمصيص نقلا عن: منتدى القصة العربية، نص المداخلة التي تقدم بها الباحث في الصالون الأدبي بالدار البيضاء: محور القصة القصيرة جدا بالمغرب/ يومه 14/ 4 / 2007.

إن إطلاق القصة الومضة كمرادف للقصة القصيرة جدا إطلاق غير موفق ـ وعند الناقد محمد معتصم أن القصة الومضة ليست هي القصة القصيرة جدا ـ، ذلك أن الومضة ليست تسمية، بل هي صفة، ومن هنا يمكن إطلاق الومضة على القصة القصيرة والأقصوصة والرواية .. فما يومض في نص أدبي معين يومض في غيره دون أن يأخذ شكله وحجمه، وما لا يومض في نص آخر قد يومض في غيره وهكذا، وعليه فالومضة للقصة القصيرة جدا هي ومضة للأقصوصة، للقصة القصيرة والأقصوصة والقُصيْصة والقُصيْصِصَة والقصيصيصة ..

ولا يوصف العمل الإبداعي بالطول المفرط، ولا بالقصر المفرط، فهذه لغة بعيدة عن الإبداع ..

وعند إطلاق الأسماء لا بد من مراعاة الصفات، ولكن أن نقتصر عليها في جهة التوصيف دون المطابقة فهذا مردود، لأن الصفة تتبع الاسم دائما وأبدا، صحيح أنه يمكن إطلاق اسم على مسمى لا مسمى له، وذلك كأن تأتي إلى أحرف فتجعل منها كلمة هي الاسم الذي تطلقه على مولود ما دون أن يكون للكلمة معنى، أو يكون لها وقع حسن على الأذن، أو جرس جميل، يمكن ذلك، ولكنه في الغالب مرفوض إنسانيا، وحتى إن أصررت على ذلك فإنه لا بد من تعيينه عرفا واصطلاحا في محيطه الاجتماعي، فأنت إذا أردت وصف فلان، أو وصف كائن ما تضطر إلى تعيين شكله ولو أن يكون خيالا، وتضطر أيضا لوصف ماهيته، والماهية وإن كانت واقعا لكل كائن مادي أو معنوي فهي ليس مطواعة لإظهار ما يوجد وما لا يوجد في كيانها، بينما الشكل قادر دائما وأبدا على إظهار ما يتضمنه، صحيح أنه لا يستطيع حبس الومضات فيه، ولكنها منه تنطلق، ومن هنا كانت الومضة صفة جميلة لنص ما، ولكنها لن تكون وصفا محددا لجنس أدبي يحمل الشكل والمضمون معا ..

وتركيز القصة الومضة على المحتوى كما الشكل تجنيس من خارج القصة الومضة، وبالتالي يكون الجنس من حيث التحديد عملا خارجا عنها، وعليه فالقصة الومضة عند محمد رمصيص ليست هي المحتوى والشكل، بل هي الشكل؛ والشكل فقط ..

ولتجاوز الرؤية الأجناسية للقصة القصيرة جدا، أو القصة الومضة نقر بأن مبدأ المحتوى والشكل لن يتعايشا إلا في ركاب واحد، فهما كالتوأم في الرحم، يتشاركان ويشاركان بعضهما البعض في الحياة وأسبابها، فكذل القُصَيْصَة التي هي القصة القصيرة جدا أو القصة الومضة، إنها بغير المحتوى والشكل لا شيء، لا قيمة لأي عمل إبداعي عند فقده شكله أو مضمونه، لا قيمة للمبدع الذي يهمل شكلا على حساب مضمون أو العكس، ولا قيمة للقول بمشاركة القارئ النبيه ومساهمته في بناء العوالم المتخيلة عند قراءته للقُصَيْصَة / القصة القصيرة جدا، لا قيمة لذلك لأنها لا تختص بالقصيصة، إنها لكل شكل من أشكال السرد، كما أنها؛ وهذا هو المهم، ليست مشاركة، ذاك القول متعسف، فلا القارئ يشارك المبدع في بناء عوالم متخيلة، ولا المبدع يشارك القارئ في عوالم متخيلة، بل ينفرد كل منهما ويتفرد في ذلك جراء كتابته للنص وتذوقه له، وهو ما يعني فهمه للنص، يكون القارئ والمتلقي بذلك مبدعا من نوع آخر، ناقدا مثلا، ذواقة مثلا .. يبني إبداعه على معلومات سابقة، على صور سابقة، وهذا طبيعي لإنتاج النصوص أو نقدها، وأما الاختزال والمفارقة والسخرية وسوء التوقع والاقتصاد والنهاية الفجائية وغيرها فليست خاصة بالقصيصة، بل هي لجميع أنواع السرد مع إباحة التعديل فيها، صحيح أنها في الرواية مثلا، وفي القصة الطويلة لا تظهر في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير