تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[08 - 08 - 2007, 07:59 ص]ـ

إنما وقفتُ مع هذه القصيدة ـ على كثرة الشواغل ـ لأمور:

1 - أن بعض الباحثين والمستشرقين في زماننا يعيبون على الشعر العربي القديم تفككه وعدم ترابط أبيات القصيدة فيه ـ زعموا ـ , وقد يُخدعُ بهذه الدعاوى الباطلة بعض أبناء العربية؛ لاسيما إذا صدر هذا الحكم من باحث عربي ممن تُتداول كتبه في جامعاتنا , لعدم توفر ما يقوم مقامها في الباب الذي كتبت فيه , مثل كتابي الأدب المقارن والنقد الأدبي الحديث للدكتورمحمد غنيمي هلال , وكتبٍ غيرهما نقلت عنه أو عن غيره من المستشرقين أو ممن تأثّر بل (تعثّر) بهم؛ فالوقوف على مثل هذه التحليلات التي ترونها يؤكد ترابط أبيات القصيدة وتلاحمها على نحو لا يمكن معه القول بانتفاء الوحدة فيها! بل إني والله لا أستطيع تقديم بيت منها على بيت, هذا إلى أنّي لم أقف على كلّ ما فيها لضيق المقام والوقت , فلو أُضيفَ إلى ما سبق خصائص تراكيب الكلام التي تتسق وتتفق مع المعاني المبثوثة آنفا , لرأيتم أننا أمام شعر عظيمٍ لأمةٍ عظيمة , وما الحرب على الشعر العربي القديم ووسمه بسمات النقص إلا للتشكيك في إعجاز القرآن الكريم وأنه لا وجه له؛ إذ الوجه المعتد به في التحدي ـ كما قرر علماؤنا الأوائل هو الإعجاز البياني البلاغي؛ فالحرب على اللغة العربية أو على الشعر العربي في أي عصر هي حرب على الإسلام الذي نزل كتابه العظيم بلسان عربي مبين.

2 - أني لمست في كثيرٍ من طلاب العربية حاجة ماسة إلى أن يكون بين أيديهم أنموذج حي للتحليل الأدبي والبلاغي للشعر العربي , فهم يسألون دائما عنه وعن طرائقه , وما ينبغي أن يسلك فيه , وهو وإن تعددت مناهجه؛ فإنه يقوم على الإنصاتِ للنصّ ومداخلته والتدسس فيه حتى يكون الناقد جزءا منه , ثم محاولة تفسيره في ضوء المكونات البلاغية واللغوية التي بُني عليها ,وفي ظل السياق اللغوي والخارجي للنص, والأمر في هذا مما لا يمكن بيانه في هذه العجالة, ولعلّ الله أن ييسّر لي كتابة ما يعين طلاب العربية على تذوّق الشعر العربي ونقده, والتهدّي في لغته إلى أسرار النصوص, وأغوار النفوس, وهو باب من العلم عظيم الخطر , دقيق النظر! ولشيخنا أبي موسى كتاب قيّم فيه (قراءة في الشعر القديم) وهو ما هو في بابه , ولغيره من الكتاب والنقاد دراسات في هذا الباب, ولكنّه يحتاج إلى مزيد منها.

3 - أن من حق تلك الأشعار الرائقة ,الشائقة ,الراقية ,ضاحكة وباكية ,متأمّلة و شاكية ـ أن نعيشها كما عاشت في تلك النفوس الكبيرة , فالحياة مع الشعر شعرٌ في الحياة, وإحساسٌ بها , ومن لا يفهم الشعرلا يفهم الحياة!!!

4 - وأسبابٌ أخرى لا تغيب عنكم , ولعلّ من أهمّها فيما يخص الفصيح:المشاركة السابقة المتفردة , للأخت الفاضلة الناقدة الأستاذة (أحاول أن) التي بكت فهيجني بكاها, وما التقطته هنالك من درّ!

وكذا مشاركة أختنا الأستاذة الفاضلة الناقدة زينب محمد؛ فقد كان استشرافها لدلالة اختياربنت طريف للدهماء في بيتها الأخيرـ حافزًا على البحث عن غوره, وكشف ما خفي من أمره!

فلو قبل مبكاها بكيت صبابة = بسعدى شفيت النفس قبل التندم

لكن بكت قبلي فهيج لي البكا= بكاها فقلت: الفضل للمتقدم

ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[09 - 08 - 2007, 12:38 ص]ـ

لم أخبركم أنّ قصيدة ليلى بنت طريف والبيتين اللذين استشهدت بهما في آخر ردي السابق , وما كان ثمّ من وقع الجروح على الجروح ـ قد هيّج؛ فكتبت ثلاثة أبيات , وهي التي ترونها في ذيل ردي الأسبق , فاجعلوها غرضًا لسهام نقدكم؛ وهي:

وكم هيّجت ليلى من الدمع بعدها = فقلتُ ألا ياعين فابكي بكاءها!

فقد تلتقي الأرواح بالدمع إذ جرى = كما اشتاقت الأنهار في الجدب ماءها!

وقد ينكؤُ الجرحَ الجراحُ فما درت = وربّك في أي الجروح دماءها!

ـ[أحاول أن]ــــــــ[09 - 08 - 2007, 08:46 ص]ـ

:::

تقول أيها الماجد:

إن قيل أبطأ , قلت ُ ذاك فضل سجية ٍ**فالبطء طبع للسحاب الممتلي

لم يكن غيثا مائيا ,هو وابل ٌ ذهبي أمطرت َ به قلوبا ظامئة لهذا البوح المنفرد ..

ولم يكن درا منثورا ,هو نقوش ٌ ستظل ُّ خالدة ً على خلايا الذاكرة ..

ولم يكن وقوع الروح على الروح , ولا ثلمات السنين الخمس , ولا بكاء ليلى ,,,

حديثك شيء آخر ..

وما قرأت ُ هذا النص –منذ بدأت الجراح تقع على الجراح – إلا سمعت ُ ليلى وشاهدتُها وجلست ُ قربها معزية ً مواسية ..

كنت ُ أظن أني أسمع في الأبيات ما هو أكثر من جرس الحروف ,

-وبعدك- أيقنت ُ أني لم أسمع شيئا بعد ..

شاهدتها مستغربة ً كيف ضم العلَم علما أعلى.؟. منيفا أكثر ,, بدت ْ لي بمشاعر الدهشة والفضول كيف تمَّ وكيف يُعقَل؟ لا مشاعر الغيظ والرفض .. فاتضحت الصورة وجعلتَني أشاهدها بعينٍ أحدَّ وأبعد نظرا ..

ظننت ُ أنها لا تفتقد الربيع وحسب .. بل فصلا خامسا يعادل الفصول الأربعة ,

وإذا بالنقد يجعلني أراها تفتقد الزمان الذي مضى .. العُمر الذي كان .. المناخ والتضاريس والعواصم والموانيء .. مكانها وزمانها بعده بلا ملامح ..

هنا هي تفتقد مَن هو أعلى من قمم الجمال والبهجة في الدنيا .. مَن هو الدنيا نفسها ..

وكم تخيلت ُ ليلى وهي تثير الحزن لمعزيها بتساؤلاتها الدامية ..

وكم استوقفني أني لا أراها ثائرة أو نائحة ..

لم يُثِر اخضرار الدنيا -بعد الغالي - حنقها بقدر ما أثار ألمها وحزنها ودمعها ..

لم تشتك ِ وتخاصم وتحاكم وتهجو القاتل ..

لا , لم تفعل ,, هي تنتحب فقط , تتوجع ليس إلا .. تبوح ُ وحسبها هذا ..

كثيرا جدا ما تُسَبِّبُ هذه النصوص آلام عجزنا عن التعبير ,

لكن قليلا جدا ما نسمع صوتا ً عذبا يُسَكِّنها ..

تحليلٌ يسير كما رأيتَ بكاء ليلى يسير:عموديا وأفقيا ..

وقراءة ٌ مرئية ٌ , مسموعة ..

فلله درك أيها المتوجع د/ شوارد ..

فأي ُّ بلاغة ٍ , وأي ُّ صرف ٍ , وأي ُّ نقد ٍ , وأي ُّ جمال

ـــــــــــــــــ

ما أكبر خسارتنا لو أشغلتك الشواغل عن هذه الكتابة التي تُنسَخ بمداد من ذهب ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير