تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

4. أيعقل بعد أن رأى ملكوت السموات والأرض وصار من الموقنين يبدأ من جديد مرحلة الاستدلال ـ على قولك ـ فيتحزر ـ حاشاه ـ ساعة يقول الكوكب ربي .. وساعة القمر ربي .. وأخرى الشمس ربي؟ أيعقل هذا يا أخي؟!! ثم لماذا بهذا الموقف بالذات بدأ يستكشفهم ويظن أنهم أرباب ـ على قولك ـ؟ ألم يكن قبلها يرى كل يوم وليلة الكواكب والقمر والشمس وهم يأفلون؟!

5. ثم نتابع السياق فنجد أنه لما رأى القمر قد أفل .. طلب الهداية (فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) ـ زيادة هداية وتثبيت .. ليست ليعرفه الله بنفسه ـ والسؤال: ألم يستجب الله تعالى لدعائه؟، والجواب: نعم بكل تأكيد، وكيف لا وقد جعله قبلها من الموقنين!!

6. أيعقل بعد هذا كله (اليقين والهداية) أن يقول عن الشمس هذا ربي هذا أكبر كما تابع السياق؟!!

7. هل من المعقول أن رجلا يقول لقومه أنتم في ضلال مبين وأنا على الحق .. ثم يتحزر أمامهم عن ماهية هذا الحق؟!

8. أنت إلى هنا أخي الكريم تقول أن المناظرة لم تبدأ بعد .. !! وأنها بدأت: بعد أن أعلن أنه برئ مما يُشركون وعندها حاجه قومه .. وسؤالي لك:حاجوه على أي شئ؟ وأي فائدة تُرجى من المناظرة بعدها وقد أعلن برائته منهم؟! وبعد أن أعلمهم أنه وجه وجهه لله مجردا التوحيد له حنيفا وأنه ليس بمشرك؟

9. وحاجه قومه .. الحجاج هنا لا زال على أن الكواكب والقمر والشمس أرباب تضر وتنفع!

10. فيتحداهم (وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ) بينما أنتم (لا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا) ثم يسألهم (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ.)؟؟!!

11. ثم يقرر تعالى أن الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ـ أي بشرك ـ (أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)

12. ثم يختم السياق هذه المناظرة بقوله (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ) فما هي بظنك الحجة التي أعطاها تعالى لإبراهيم على قومه؟ إن لم تكن استدراجهم أنها أرباب ثم إشهداهم أنها تأفل وأنها لا تضر ولا تنفع وعليه فهو لا يخافها وأنه أحق بالأمن .. أقول إن لم تكن هذا كله .. فما تكون؟؟

13. ألا نخلص من هذا أن قول إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال " هذا ربي " تنزلا واستدراجا لإفحامهم وهو ما يتوافق مع عصمة الرسل؟ أي أنه قالها من باب المناظرة .. لا من باب النظر والاستدلال؟!

14. فهذا أخي الفاضل ما أراه صوابا وهو ليس قولا لي وإنما أراه الأرجح من أقوال أهل العلم والتفسير. وأختم بما قاله ابن كثير رحمه الله في التفسير لآيات سورة الأنعام، وفيه إجابة على أكثر أسئلتك.

"والحق أن إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، كان في هذا المقام مناظرا لقومه، مبينا لهم بطلان ما كانوا عليه من عبادة الهياكل والأصنام، فبين في المقام الأول مع أبيه خطأهم في عبادة الأصنام الأرضية، التي هي على صورة الملائكة السماوية، ليشفعوا لهم إلى الخالق العظيم الذين هم عند أنفسهم أحقر من أن يعبدوه، وإنما يتوسلون إليه بعبادة ملائكته، ليشفعوا لهم عنده في الرزق والنصر، وغير ذلك مما يحتاجون إليه. وبين في هذا المقام خطأهم وضلالهم في عبادة الهياكل، وهي الكواكب السيارة السبعة المتحيرة، وهي: القمر، وعطارد، والزهرة، والشمس، والمريخ، والمشترى، وزحل، وأشدهن إضاءة وأشرقهن عندهم الشمس، ثم القمر، ثم الزهرة. فبين أولا أن هذه الزهرة لا تصلح للإلهية؛ لأنها مسخرة مقدرة بسير معين، لا تزيغ عنه يمينًا ولا شمالا ولا تملك لنفسها تصرفا، بل هي جرم من الأجرام خلقها الله منيرة، لما له في ذلك من الحكم العظيمة، وهي تطلع من المشرق، ثم تسير فيما بينه وبين المغرب حتى تغيب عن الأبصار فيه، ثم تبدو في الليلة القابلة على هذا المنوال. ومثل هذه لا تصلح للإلهية. ثم انتقل إلى القمر. فبين فيه مثل ما تقدم في النجم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير