[سؤال لأهل العلم فقط]
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[08 Jun 2009, 02:52 م]ـ
انتشر في الآونة الأخيرة ظاهرة العلاج بالقرآن وصرنا نسمع على فضائيات متخصصة من يقومون بهذا الأمر على الهواء مباشرة ومنهم من يقصده العامة ويصطفون على أبوابه بالطابور ينتظرون وصفة طبية لأمراض شتى.
والذي يدّعي العلاج بالقرآن يستند إلى قوله تعالى (وننزل من القرآن ما هو شفاء) وأصبح يتعامل مع القرآن الكريم كأنه صيدلية أدوية فهناك بحسب اعتقادهم سورة لأمراض الكلى وأخرى لأمراض العيون وثالثة لالتهاب المفاصل وهكذا حتى شوّشوا على العامّة وبالأخص على النساء رقيقات القلوب ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لذا أحببت أن أطرح هذا الموضوع على أهل العلم من أعضاء هذا الملتقى الكريم راجية أن تزودونا بما ورد في صحيح السنة عن رسولنا وقدوتنا إمام المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم فنحصل على إجابة شافية وافية ثم نضعها في المنتديات حتى نفتح أعين المسلمين والمسلمات على حقيقة هذا الأمر.
بارك الله بكم جميعاً وجزاكم عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[08 Jun 2009, 03:31 م]ـ
الاستشفاء بالقرآن الكريم مسألة توقيفية يجب الرجوع فيها إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بفهم سلف هذه الأمة ..
وما دام الأمر كذلك، فالصور الثابتة من الاستشفاء بالقرآن الكريم هي:
1 – علاج الأمراض الحسية به، وذلك بقراءته على المريض والنفث عليه: فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه لأنها كانت أعظم بركة من يديَّ» أخرجه مسلم.
وكذلك حديث أبي سعيد الخدري في رقية الملدوغ وهو مشهور. البخاري.
2 – علاج الأمراض المعنوية به، فعن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات» البخاري.
3 – قراءته لطرد الشياطين، وفيه حديث أبي هريرة وأسيره، وهو معروف.أخرجه البخاري.
أما بالنسبة لما ذكر في السؤال، فالظاهر أن القائلين به من الممكن أن يكونوا قاسوه على القراءة على المريض مباشرة، كما قاس بعض أهل العلم الصلاة مع التلفزيون على صلاة من لم ير الإمام وائتم بصوته، ونحو ذلك كثير لا أطيل به.
ولكن هذا القياس تعترضه أمور منها:
1 – أن الاستشفاء بالقرآن الكريم من الأمور التوقيفية، فلا يصح الاجتهاد فيها، ومن ثم يتعذر قبول القياس فيها.
2 – أن القياس المذكور هو قياس مع الفارق، والقياس مع الفارق لا يصح كما هو معروف في محله.
هذا ما تيسر لي في هذا الوقت الضيق، وقد تطفلت عليه مع أنه ليس موجها لي.
وأنصح جميع الأخوة المسلمين، وخاصة في هذا الملتقى المبارك أن يحذروا من هذه الأمور الجديدة على أمتنا، وأن يشكوا في كل شيء جديد حتى تتبين صحته شرعا، فمن شك نجا.
والله تعالى أعلم وأحكم.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[08 Jun 2009, 07:20 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم إبراهيم على هذه الإضافة وأنا معك أنتظر ردود أهل العلم في هذا الملتقى المبارك ليتم تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة بين المسلمين
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[09 Jun 2009, 07:51 ص]ـ
لا يخفى علينا ما دخل هذا الموضوع من الانحراف والتدجيل عبر عصور هذه الأمة المبارك، وأرجو أن لا يكون هذا صادًا لنا عن تحرير المسألة تحريرًا علميًا مؤصلاً.
وما ورد النص بثبوته خارج محل النزاع، لكن النزاع يقوم على تجارب الناس بالاستشفاء بالقرآن في بعض الأمراض، وتخصيصهم آيات معينة لشفاء مرض معين.
ويبدو لي أن هذه المسألة ـ من حيث الأصل جائزة ـ لأمور:
1 ـ أنه لم يرد دليل عام في التقيد بالاستشفاء بما ورد فقط.
2 ـ أن حديث النفر الذين رقى واحد منهم لديغ سيد القوم بالفاتحة فنفع الله برقيته كان مجتهدًا، ولم يكن معه النص آنذاك، فلما عادو إلى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أقرَّه على ما فعل، فكان ذلك نصًّا.ِِ
وهذا يعني أن أصل الاجتهاد في هذا الموضوع جائز، ولو كان غير ذلك لنبه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على منعهم من هذا العمل الذي قام به هذا الصحابي باجتهادٍ منه.
3 ـ أن الآية عامة، وهي قوله تعالى (وننزل من القرآن ما هو شفاء)، وهي من أصول هذه المسألة.
4 ـ أن عمل المسلمين بهذا قد أظهر أثرًا لهم بذلك، والحكايات في هذا كثيرة، ومنها ما حكاه القرطبي عن نفسه لما كان فارًّا من الجند، فقرأ قوله تعالى: (وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا)، فنفعه الله بذلك فلم يروه مع قربهم منه.
وأقول في الختام:
أولاً: إذا وقع الاستشفاء ببعض الآيات من آحاد الناس على بعض الأمراض ونفعهم، فهذا لا يعني أن كل من قرأ هذه الآية لأجل ذلك الغرض أنها تنفعه؛ لأن المسألة هنا مرتبطة بوجود شروط الانتفاع، وانتفاء موانعه.
ثانيًا: التجارب الخاصة لا يصلح تعميمها في هذا المجال، وإن كان يمكن الاستفادة منها.
ثالثًا: أنه قد ثبت بالتجربة لدى المستشفين بالقرآن الأثر الظاهر لبعض الآيات في تأثيره في بعض الأمراض؛ كالعين والسحر، وهذا الاتفاق من غير تواطؤٍ منهم دليل على صحة التجربة التي قام بها هؤلاء، والله أعلم.
¥