تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[القراءة الجديدة للنص الديني]

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Jun 2009, 06:39 م]ـ

[القراءة الجديدة للنص الديني]

(الباطنيون الجدد والقراءة المتهافتة للنص الديني)

تأليف: الدكتور عبد المجيد النجار

عرض: محمد العواودة

يرصد الدكتور عبد المجيد النجار في كتابه القيم " القراءة الجديدة للنص الديني " (إصدار مركز الراية للتنمية الفكرية، 2006) أفكار أبرز رواد المدرسة التأويلية الجديدة، أو " الباطنيون الجدد " كما يحب أن يسميهم وهم: نصر حامد أبو زيد، جمال البنا، عبد المجيد الشرفي، محمد الشرفي، محمد سعيد العشماوي، محمد محمود طه، محمد شحرور، محمد أركون.

والمدرسة التأويلية الجديدة التي يقدم لها النجار - الذي بات متخصصا قصريا في التصدي لهذه المدرسة في مجمل كتبه ورسائلة وتعليقاته- ليست جديدة بمعنى أنها بدعا من بنات أفكار هؤلاء الرواد؛ وإنما هي امتداد لأفكار بعض الليبراليين العرب في بواكير القرن الماضي أمثال قاسم أمين اللذين تبنوا خطاب الإصلاح الديني الغربي، وصولا إلى محمد عبده الذي يعتبر المؤسس لهذا الخطاب وداعيته في العصر الحديث.

إلا أن ما يميز هذه المدرسة التي يعرض لها النجار خطابها الفج وجرأتها على الدين الإسلامي بشكل غير مسبوق، وتبنيها منهجية وأدوات التحليل الاستشراقي الغربي في تفسير النصوص الدينية بالقراءة التفكيكية من زاوية العلوم الأدبية والإنسانية للطعن في قدسية النص الديني مثل: التاريخية، والهرمنيوطيقا، والنسبية، والرمزية، وإدخال بعض المعادلات والقوانين الرياضية، حتى يغدو النص الديني بهذا التفسير مجموعة من النصوص الوضعية تمكن من قراءته وبناءه من جديد من خلال جملة من المقاصد والمعاني ذاتية القراءة.

ومع أن النجار اكتفى بذكر هؤلاء الرواد كونهم أهم المؤسسين المعاصرين لهذا الخطاب إلا أن هذه المدرسة لا تقف عند حدودهم بل تمتد لتشمل الكثيرين من أتباعها والمتساوقين بفكرها من المثقفين والاكادميين والكتاب العرب المعاصرين، الذين لا تسع هذه العجالة عرض آرائهم ومناقشة كتبهم أمثال: صادق بلعيد، حسن حنفي، صادق جلال العظم، الطيب التيزيني، تركي علي ربيعو، سيد القمني، عبد الهادي عبد الرحمن، أنور خلوف ......

فخلاصة آراء هذه المدرسة تقدم الدين الإسلامي على أنه ليس هو هذا الدين الذي تدينت به الأمة طيلة أربعة عشر قرنا، وإنما هو شيء آخر ما تزال النصوص متضمنة إياه بافهام أخرى تنتظر من يستخرجها، معتمدين في ذلك على عدة عوامل لتحقيق هذه الغاية أهما إهدار التراث الإسلامي كونه منافيا لمفاهيم العدل والمساواة وحقوق الإنسان، ما تطلب عندهم إحالة تأويل النص لذاتية مطلقة من حق كل فرد أن يمارسها باحتمالات غير متناهية من المعاني يتحكم في أساسها الضمير الإنساني.

في سياق رده على هذه القراءة الجديدة، فإن النجار يبين تهافتها وعدم أصالتها من عدة وجوه تجتمع على أنها تعاملت مع النص الديني كما لو كان نصاً بشريا، مهدرة بذلك أو تكاد طبيعة كونه وحيا من الله، ومتجاوزة في كثير من الأحيان طبيعتة اللغوية وما تقتضيه قوانين اللغة العربية من وجوه الدلالة على المعاني بحجة أن الألفاظ هي ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم أو إن لم تكن كذلك فقد طالها التغيير البشري لأن مقصود كلام الله عندهم خاص بالمعاني دون الألفاظ.

وحينما حُددت طبيعة النص الديني في هذا الاتجاه من الوصف بالبشرية والتاريخية والظنية فإن القراءة التي مورست عليه كانت في طابعها العام قراءة اسقاطية بما هو حاضر سلفا في الأذهان بمقتضى انتماءات مذهبية ومواقف أيديولوجية باعتبارها أحد الاحتمالات الممكنة لهذا النص مادام نصا مفتوحا على احتمالات غير متناهية.

فقد كان أغلب هؤلاء القراء الجدد للنص الديني ممن تكونوا ثقافيا على الفكر العلماني - بشقيه اليساري والرأسمالي - حتى أصبحت كبرى قضاياه مسلمات بالنسبة إليهم وعلى اعتبارها مدلولا من مدلولات النص واحتمالا من احتمالاته، فقد كان من تلك المسلمات على سبيل المثال: فكرة التغيير المطلق التي انبنت عليها الفلسفة العلمانية في تقديرها للطبيعة كما بدا في نظرية التطور، وفي تقديرها للقيم الإنسانية كما بدا في المذهب الأخلاقي الاجتماعي، وفي تقديرها للماهية الإنسانية ذاتها كما بدا في الفلسفة الوجودية، وشخصنة الدين

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير