[منهج لغويي القرن الثالث الهجري في دراسة الخطاب القرآني الكريم.]
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[17 Jun 2009, 02:32 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
(قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (البقرة:32).
أطروحة البحث:
القرآن الكريم كتاب هداية، يهدف إلى إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وحتى يكون كذلك فإن الحق سبحانه وتعالى بث فيه كل ما يصلح به شأن الإنسان في الدنيا والآخرة، وما ينظم علاقاته بربه وبأخيه الإنسان وبالكون من حوله، وهذه المجالات هي ما اصطلح عليه ب:
أ – العقيدة.
ب – العبادات.
ج – المعاملات.
د – الأخلاق و السلوك.
وهذه المجالات تم التعبير عنها بأسلوب عربي فصيح معجز، مما جعل للقرآن الكريم أبعادا متعددة: بعد معرفي، وبعد تواصلي، وآخر أدبي بعيد الجذور في تاريخ الأدب العربي، عظيم الأثر في توجيهه وتطويره وتقويمه في أبعاده الثلاث السالفة الذكر، مما يحتم على الباحثين في الدراسات العربية وآدابها دراسة القرآن وعلومه. ويتطلب الإلمام بالعلوم العربية وثقافتها التوسع في الدراسات القرآنية بفروعها المختلفة.
وإذا كانت الحضارة الإسلامية حضارة مؤسسة على النص القرآني، و إذا كان القرآن الكريم نصا لغويا فإن اللغة العربية وعلومها تعتبر من المصادر الأساس لتفسير الخطاب القرآني، ذلك أن القرآن الكريم قد أنزل إلى العرب خاصة، وإلى الناس عامة، ومن ثم فهو يخاطبهم بلغتهم ويتحداهم بأن يأتوا بمثله فكان ذلك تأكيدا لإعجاز بيانه وسمو بلاغته: ? وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ? (البقرة:23).
وقد اشترط العلماء بالتفسير الإحاطة باللغة العربية وعلومها في كل من يريد اقتحام باب التفسير، لأن اللغة هي الأساس الأول لكل المصادر التفسيرية. كتفسير القرآن بالقرآن، و القراءات القرآنية المفسرة للقرآن الكريم، و السنة النبوية الشريفة باعتبار رسول الله ? العربي الذي ينطق بجوامع الكلام، وليس في الكلام العربي ما يكون أصدق مصدر للاستعمال العربي الصحيح من أقواله، وأقوال الصحابة و التابعين و أتباع التابعين باعتبارهم عربا خلصا أو أخذوا عن العرب الخلص مما يجعل ما انتهوا إليه من معان لا يمكن أن يكون مخالفا للعربية ومعانيها.
وهذا المنهج قد سلكه الصحابة – رضوان الله عليهم – في تفسير القرآن الكريم فكانوا كلما أشكل عليهم معنى آية كريمة راجعوا أهل الفصاحة والبلاغة من العرب الخلص، فكانوا يحلون إشكالها بتفسيرها تفسيرا لغويا، والاستشهاد على ذلك بما جاء في شعرهم. وقد اشتهرا ابن عباس (ت 68 هـ) ـ رضي الله عنه. بالرجوع إلى الشعر القديم عند تفسيره للذكر الحكيم مما يدل على معرفتهم الواسعة بلغة العرب، وإلمامه الكبير بغريبها.
ويشكل التفسير اللغوي البدايات الحقيقية للتفسير، فالتفاسير الأولى للقرآن الكريم كلها كانت تفاسير لغوية، كما أن التفاسير التي تلتها ـ عندما ندرسها دراسة وصفية تحليلية من حيث بناؤها ومكوناتها ـ فإننا نكتشف أنها في الأساس تفاسير لغوية. بل إن الكتب التي عنيت بالتأصيل والتقعيد للتفسير ـ عندما يدرسها الباحث انطلاقا من المستويين السابقين ـ فإنه يكتشف أن قضاياها بالأساس متصلة بشكل أو بآخر باللغة وعلومها، وبمناهج تحليل الخطاب.
فكتاب التحبير في علم التفسير للسيوطي (ت 911 هـ) يقوم شاهدا على ما ذهبنا إليه، حيث إن فصوله و مباحثه لا تكاد تنفك عن القضايا اللغوية و ما يتصل بها من أمور شديدة الصلة بتحليل الخطاب اللغوي، والتي يمكن إجمالها في ما يلي:
1. توثيق النص.
2. المقام.
3. السياق.
4. المستوى الصوتي.
5. المستوى الدلالي.
6. المستوى البلاغي.
7. المعجم و قضاياه.
8. المستوى التداولي.
9. القضايا التواصلية.
¥