تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[هل هناك تضاد بين ما قاله الشاطبي والشوكاني!]

ـ[أم الأشبال]ــــــــ[24 Jul 2009, 02:32 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.

أما بعد:

وأنا أتصفح كتابا من الكتب لفت نظري قولان أحدهما للشاطبي والآخر للشوكاني فلاحظت أن بينهما تضاد في قضية، وهي أن لغة العرب يعرف عنها غزارة الأساليب والمعاني مما جعل السلف يطلقون قولتهم المشهورة وهي أن القرآن الكريم حمال أوجه، وذلك لأنه نزل بلغة العرب، وهذا ما يبرز في قضية الاشتراك اللغوي، وما أطلق عليه أهل العلم مصطلح (الحقيقة الشرعية)، لذلك فتفسير معاني القرآن الكريم لا يرجع إلى أصل الوضع في اللغة كما أشار الشاطبي، ومنطقة التضاد التي اعتقدتها تظهر عند قول الشوكاني:

"ولكن إذا كان معنى اللفظ أوسع مما فسروه (يقصد الصحابة رضي الله عنهم) به في لغة العرب فعليك أن تضم إلى ما ذكره الصحابي ما تقتضيه لغة العرب وأسرارها، فخذ هذه كلية تنتفع بها"،

والسؤال:

ما فائدة أن نضم إلى ما ذكره الصحابي ما تقتضيه اللغة، فما يفيدنا إبراز الاشتراك اللفظي أو البعد عن الحقيقة الشرعية، أو ما هو بحكم المرفوع، أو المعنى في الاستعمال من أرباب اللغة الصحابة رضي الله عنهم.

والحقيقة أني بهذا اكتشفت تضادا آخر في عبارة الشوكاني نفسه، فكيف نشد أيدينا على قول الصحابي، ثم نبحث عن ما تقتضيه لغة العرب؟!

هذا والله أعلم وأحكم.

هنا أنقل العبارتين للفائدة:

قال الشاطبي:

" أن يذكر أحد الأقوال على تفسير اللغة ويذكر الآخر على التفسير المعنوي وفرق بين تقرير الإعراب وتفسير المعنى وهما معا يرجعان إلى حكم واحد لأن النظر اللغوي راجع إلى تقرير أصل الوضع والآخر راجع إلى تقرير المعنى في الاستعمال كما قالوا في قوله تعالى (ومتاعا للمقوين) أي: المسافرين وقيل النازلين بالأرض القواء وهى القفر وكذلك قوله (تصيبهم بما صنعوا قارعة) أي: داهية تفجؤهم،وقيل سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه و سلم وأشباه ذلك " أهـ[الموافقات]

وقال الشوكاني:

"واشدد يديك في تفسير كتاب الله على ما تقتضيه اللغة العربية، فهو قرآن عربيّ كما وصفه الله، فإن جاءك التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تلتفت إلى غيره، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، وكذلك ما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم من جملة العرب، ومن أهل اللغة، وممن جمع إلى اللغة العربية العلم بالاصطلاحات الشرعية، ولكن إذا كان معنى اللفظ أوسع مما فسروه به في لغة العرب فعليك أن تضم إلى ما ذكره الصحابي ما تقتضيه لغة العرب وأسرارها، فخذ هذه كلية تنتفع بها ".أهـ[فتح القدير]

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jul 2009, 05:36 م]ـ

لم يظهر لي تضاد في عبارات الشيخين رحمهما الله.

فهما يقصدان أن اللفظة القرآنية قد يفسرها الصحابة تفسيراً على المثال، ويكون مدلولها في اللغة أوسع من ذلك، فينتبه من يقرأ تفسيرهم أنه مثال على المعنى المقصود الواسع وليس محصوراً فيما ذكروه رضي الله عنهم، ولذلك نبه الشوكاني على ذلك فقال: (ولكن إذا كان معنى اللفظ أوسع مما فسروه به في لغة العرب فعليك أن تضم إلى ما ذكره الصحابي ما تقتضيه لغة العرب وأسرارها، فخذ هذه كلية تنتفع بها).

ومثله كلام الشاطبي، فهو ينبه إلى أن التفسير قد يكون بالمعنى المستعمل للفظة دون إغفال للمعنى اللغوي الذي اشتقت منه العبارة، كلفظة (المقوين) في آية سورة الواقعة.

والمراد من كلامهما هو التنبيه على مسألة العناية بالنظر إلى المعنى اللغوي في لغة العرب وقت نزول الوحي مع النظر في تفسير السلف واعتبار الأمرين في تفسير الآية ومراعاة أصول التفسير في مثل هذه المسألة.

والله أعلم.

ـ[أم الأشبال]ــــــــ[26 Jul 2009, 07:11 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى والصلاة والسلام على نبينا محمد.

أما بعد:

أشكر لفضيلتكم تكرمكم بالإجابة والإفادة، ولأبين ما أشكل علي أزيد بمثال:

قال تعالى:

{وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (الأعراف:180)

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: الإلحاد: التكذيب.

قال ابن القيم في تعليقه على تفسير ابن عباس:

" وهذا تفسير بالمعنى وحقيقة الإلحاد فيها:

العدول بها عن الصواب فيها، وإدخال ما ليس من معانيها فيها، وإخراج حقائق معانيها عنها، هذه حقيقة الإلحاد، ومن فعل ذلك فقد كذب على الله.

ففسر ابن عباس الإلحاد بالكذب، وهو غاية الملحد في أسمائه تعالى، فإنه إذا أدخل في معانيها ما ليس منها، وخرج بها عن حقائقها، أو بعضها فقد عدل بها عن الصواب والحق، وهو حقيقة الإلحاد ... "

قال الطبري:

" وأصل "الإلحاد" في كلام العرب: العدول عن القصد، والجورُ عنه، والإعراض. ثم يستعمل في كل معوَجّ غير مستقيم" أهـ

قلت:

في وجهة نظري أن المعنى اللغوي للإلحاد يتساوى فيه العدول عن الصواب بقصد ومن غير قصد والمخطي والمعاند، أما توجيه ابن عباس رضي الله عنه لمعنى اللفظة القرآنية نرى فيه أن حدد فقال " التكذيب "، ويظهر أن ابن عباس اختار هذا المعنى لوجود الوعيد الذي تضمنته الآية، فما كان الله ليتوعدهم وهم يفعلون ذلك جهلا أو عن غير قصد.

وقد ظهر هذا التوجيه من ابن عباس في تفسيره للإلحاد في قوله تعالى:

(وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) يعني أن تستحلّ من الحرام ما حرّم الله عليك من لسان أو قتل، فتظلم من لا يظلمك، وتقتل من لا يقتلك، فإذا فعل ذلك فقد وجب له عذاب أليم.

وهذا المثال الذي طرحته لفضيلتكم يبين ما اعتقدت من التضاد والذي ظهر في ذهني عند اطلاعي على القولين السابقين، ويظهر من خلال المثال توجيه الصحابي للمعنى، ولا يمكننا أن نوجهه بغير ذلك، وإن كان اطلاع طلاب العلم على المعنى اللغوي، ومن ثم على توجيه الصحابي فيه دربة وفائدة.

هذا والله أعلم وأحكم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير