تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مناقشة لرأي الأستاذ محمود محمد شاكر في الإمام محمد عبده]

ـ[محمد خليل الزروق]ــــــــ[23 Jul 2009, 07:59 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

تعليق على ما نشر في منتدى المجلس العلمي (الألوكة)، من نقل حسين أحمد أمين عن الأستاذ محمود محمد شاكر رأيَه في الإمام محمد عبده، وهو أنه خبيث وأس الفساد.

* * *

رحمة الله عليك - يا شيخ محمد رشيد رضا - أيها الإمام، كنت عالمًا سلفيًا، وقد تلمذت للشيخ محمد عبده، فهل كنت بهذه المنزلة من علم الدين، وبهذه المثابة من تصفح أخلاق الناس - بحيث تغفل عن إنسان خبيث أو مفسد، ولا تتفطن لخبثه وإفساده، وتتمادى في صحبته، وأخذ العلم عنه، وتلقِّي التفسير منه، وتدون كلامه على أنه أعلاق تُشَدُّ الأيدي عليها، ونفائس يُضَنُّ بها، وتبالغ - يا شيخ رشيد - في ذلك، وتسمي هذا الرجل بالأستاذ الإمام، وتكتب في سيرته كتابًا، وتنشر علمه، وتقرُّ له بالتلمذة؟ ما هذا يا شيخ رشيد رضا؟ ما هذا؟ أين عقلك الكبير، وعلمك الواسع بالدين، وخبرتك بالناس، وتصفحك للأخلاق، كيف تقضي هذا العمر مع هذا الشيخ ولا تتفطن إلى أنه من أكبر الجناة على الأمة وأجيالها؟

(1)

رويدَك - يا أخي الكريم - لا تعجل، ولا تأخذْك العجلة مآخذَها، ولا تطِرْ بك مَطارَها، وفي التثبُّت زَيْن، وفي الرَّويَّة صلاح وإصلاح، وفي الأناة فضل، ومزيد علم، وتمحيص رأي، وثوبة إلى رشاد.

وما هكذا تؤخذ الأمور، ولا هكذا يُحكَم على الرجال، وكم من عالمِ رُسوخ، وداعية حق، وإمام هدى، تقوَّل عليه المتقوِّلون، وحسده الحاسدون، وكاد له الكائدون، ينقمون منه ذكاءَه ونبوغه، ويكرهون عمله ونُجْحه، ويَضيقون برحابة صدره، وسَعة أفقه، وبعد نظره، وجمال تحقيقه، وحسن تجديده وتسديده! وما خبر الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية عنكم ببعيد، فقد كاد له خصومه من العلماء، ورموه بكل سوء، وسَعَوْا به إلى السلطان، فمات مسجونًا مظلومًا مأخوذًا برأيه، وطلاقة فكره، ونُفُوذ عقله، وحديد بصره، مما لم يألفه علماء التقليد والترديد، ولم يعرفه مَن حجتهم وجدنا آباءنا، وأطعنا كبراءنا، وتبعنا علماءنا!

وماذا فعل الأستاذ الفاضل الديِّن الغيور الأديب الدكتور محمد محمد حسين - رحمه الله - غير أن نقل في الأستاذ الإمام محمد عبده آراء معاصريه وأقرانه من مشايخ الأزهر ممن لم يعجبهم سعيه في إصلاح التعليم، ودعوته إلى تجديد الدين، فنفِسوا عليه ذلك، ورأوه غضًّا من شأنهم، وتسفيهًا لطريقتهم في العلم والتعليم والفتوى!

(2)

وهل أتاك نبأ حسين أحمد أمين الذي يُنقَل كلامُه، وتؤخذ شهادته، كأنه شاهدٌ عدل، ومسنِدٌ ثقة، وراوية ثبَت؟ وهو إنما أراد بكلامه الطعن على العلامة شيخ الآداب العربية وأستاذ أساتيذها في هذا العصر أبي فهر محمود محمد شاكر - عليه رحمة الله، وسحائب رضوانه ومغفرته! - وزرعَ الكراهة له في القلوب، بترويج أنه حديد اللسان، سريع البادرة، لا يسلم من أذاه أحد، ولا يبرأ من ذمه عالم، ولا ينجو من لسانه فاضل، كأنه وحش مفترس، أو مجنون لا عقل له، أو سفيه لا يضبطه ضابط، ولا يربطه رابط! هذا ما أراده حسين أحمد أمين، ودونك ما كتبه تلميذ الشيخ شاكر وصاحبه وصفيُّه أبو أروى محمود محمد الطناحي - رحمه الله - في رد عدوانه على الشيخ، وإبطال كلامه، وفضح تجنِّيه، وتعنيفه وتبكيته وتسكيته (انظر مقالات الطناحي 2/ 608 - 631).

وأما أن رأي الشيخ شاكر في جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده هكذا - فحق، وليس مصدر ذلك حسين أحمد أمين، ولو كان المتفردَ بهذا النقل لرُدَّ قوله، ولضُعِّفت روايته، لما عُرف من أمره. ولكن الشيخ نفسه صرَّح به في مقدمة كتاب أسرار البلاغة للإمام عبد القاهر الجرجاني، وقد نشر سنة 1412=1991.

والدكتور محمود الطناحي - برد الله مضجعه - أقرَّ به، وسلَّمه له، وأعطى فيه بيده، وعمَد إلى تسويغه وشرحه، وأثنى على الفاضلين الدكتور محمد عمارة والأستاذ فهمي هويدي - حفظهما الله - وذكر أنه لم يسمع العلاَّمة شاكرًا يذكرهما بسوء، وذكر أنه غيَّر رأيه في الدكتور عمارة بعد ما عُرف مَشْرَعه، وظهر منْزَعه.

(3)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير