تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[القراءات الجديدة]

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jun 2009, 05:19 م]ـ

المفكر الإسلامي المقرئ الإدريسي أبو زيد: القراءات الجديدة للقرآن الكريم هي في الأصل ثقافة علمية غربية

على هامش ملتقى فكيك الثالث للقراءات الجديدة للقرآن الكريم، التقت التجديد مع الأستاذ المقرئ الإدريسي أبو زيد، فألقى بعض الضوء على خلفيات هذه القراءات وجذورها العلمانية، وبين خطورة تبنيها في مؤسساتنا التعليمية والدينية منها على وجه الخصوص كدار الحديث الحسنية وغيرها، وفيما يلي نص الحوار:

ما هي أهم أفكار ومرتكزات القراءات الجديدة للقرآن الكريم؟

القراءات الجديدة، التي هي في الأصل ثقافة علمية غربية انطلقت من قراءة النص المقدس منذ عصر النهضة أواسط القرن السادس عشر ثم انتقلت منه إلى نصوص أدبية وفكرية وتراثية يونانية وإغريقية. القاسم المشترك بين هذه المناهج، أنها قامت على أساس اضطراب النصوص أي بشريتها، وأن الإنجيل والتوراة قد دونتا بيد إنسانية. وما تبقى من النصوص فهو أصلا منسوب إلى أصحابه من بني البشر. ولهذا فهذه المناهج سواء منها: المنهج الفينولوجي أو المنهج الفينومينولوجي أو المنهج الهيرمينوطيقي أو المنهج البنيوي أو المنهج التفكيكي، كلها مناهج تنطلق من تطبيق العلوم الإنسانية على النصوص الدينية نازعة عنها القدسية، ومؤمنة بنسبية المعنى، وشاكة في موثوقية التدوين، ومعطية مجالا أوسع للتأويل، ودورا أكبر للقارئ والشارح في إعادة إنتاج النص. بعبارة أخرى، يصبح النص ذا مصدر بشري، وسياق بشري، ومآل بشري.

ثم إن المناهج الحديثة الغربية التي تطورت بعد القرن التاسع عشر، أي في القرن العشرين أصبحت أكثر جرأة في نزع المعنى وفي تحطيم السياق وفي تفكيك العلاقات القائمة بين العبارات وفي التأويل البعيد المغرض لقلب النوايا وعكس المقاصد، والبحث في طرق ملتوية لإنتاج معنى جديد في سياق جديد لا علاقة له البتة بالسياق الذي أنتج فيه النص ومعناه الأول.

ومن خطورة هذه المناهج أنها لم تبق مقصورة على نصوص غربية وإلا لكان الإنسجام هنا حاضرا ومقبولا، لكن تم نقلها إلى القرآن الكريم بالخصوص. ويبقى السؤال لماذا القرآن من دون النصوص الأخرى؟ كنصوص البوديين والهندوس والنصوص الأدبية والفكرية؟ ولماذا التركيز سواء من قبل الأوروبيين أو من أتباعهم المتغربين من المسلمين على أن تطبق هذه المناهج بالضبط على القرآن؟ كل ذلك يقع من غير شك لنزع القدسية عنه وللتشكيك في مصدره المتعالي ولقياسه على النصوص البشرية بل ولوصمه بوصمات الدونية لا يرضاها منصف لمؤلف من البشر، فكيف بكتاب رب العزة.

ماهي آثار هذه المناهج عندما نجعلها أساسا لتكوين علماء الشريعة؟

هذه مفارقة ما كنت أحسب أنني سأحيى إلى زمن أسمع فيه هذا الذي يجري في بلادنا وفي العديد من بلاد المسلمين، كيف يعقل أن تصبح هذه المناهج النسبية وهذه المناهج الجزئية وهذه المناهج التي في الغالب لا تحترم حتى منطلقاتها ولا تلتزم حتى بمبادئها مرتكزا لتكوين علماء المستقبل في شريعة الإسلام؟ كيف تصبح هذه المناهج وهي في عرف أصحابها تنتج معاني لا نهائية وتنتج معانى مؤقتة ولا وجود لمعنى أصلي فيها ولا لمعنى نهائي ولا لمعنى نواة ولا معنى حتى لمقصد المؤلف أو الكاتب بالنسبة للقرآن لمقصد الشارع أو مقصد رب العزة؟

فهذه المناهج ترفض أن تطرح سؤال: ما مقصد منتج النص لأن منتج النص الحقيقي عندهم هو الذي يتناوله وهو الذي يتلقاه. وفي هذا الإطار توسعت نظريات التأويل والتلقي والتفكيك والقراءة الهرمنوطيقية، ووجه طلبة المسلمين، الذين يدرسون في الجامعات الغربية إلى هذه المناهج لتطبيقها في البداية على بعض النصوص الأدبية وعلى بعض نصوص التراث ثم تم تحويلها بعد ذلك إلى القرآن الكريم وإلى السنة النبوية الشريفة. والأمر الآن أصبح أخطر، فلم يعد الأمر يقتصر على طلبة المسلمين الذين يشدون الرحال إلى هذه الجامعات، وإنما شدت هذه المناهج الرحال إلى جامعاتنا، وفي البداية كان وصولها اختياريا عن طريق النخبة المتغربة التي درست هناك ثم نقلت هذه المناهج إلينا، لكن مؤخرا لاح في الأفق برنامج سياسي أمريكي غربي مفروض ومشروط في إطار سياسة القهر والعولمة، وتحت مسميات الإصلاح، ومن ذلك إصلاح مناهج التعليم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير