[القرآن كتاب هداية]
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 Jun 2009, 01:11 ص]ـ
الأستاذ الدكتور أحمد بزوي الضاوي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخانا الكريم:
أكبر فيك أخلاقك وتواضعك وأدبك الجم وحبك الخير لإخوانك.
أخانا الكريم تقول:
"و لعلمي بأن القرآن الكريم حوى علم الأولين و الآخرين"
أخانا وأستاذنا الفاضل:
لقد طال الكلام في هذا الباب، وكثر فيه الجدل، وافترق الناس فيه بين موسع ومضيق، وغال ومقتصد، وقد قال الشاعر:
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد،،،،،،، كلا طرفي قصد الأمور ذميم
والله سبحانه وتعالى قد وصف هذه الأمة بالوسطية فقال:
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) سورة البقرة من الآية (143)
وقال:
(وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) سورة الأنعام من الآية (152)
وكذلك يجب أن نكون عدولا في أحكامنا وأقوالنا، ولن نكون كذلك حتى نتحرى الدقة والحقيقة في الأقوال والأفعال، وذلك لا يكون إلا إذا استندنا في ذلك إلى دليل صحيح صريح من الشرع أو العقل أو الحس.
والذي نعلمه جميعاً أن الله سبحانه أنزل القرآن الكريم كتاب هداية فصل فيه كل ما يحتاجه الإنسان مما تستقيم به حياته في جوانب العقيدة والعبادة والمعاملات والأخلاق، وهذا هو الجانب المهم أو الأهم في هداية القرآن المذكورة في قول الله تعالى:
(إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) سورة الإسراء (9)
ومن هداية القرآن أنه حث على العلم والنظر في خلق الكون والأنفس واكتشاف سنن الله التي أودعها الله في مخلوقاته:
(وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)) سورة الذاريات
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة العنكبوت (20)
وتوجيه القرآن إلى اكتشاف سنن الله في الخلق الغرض منه إقامة الدليل على صدق هذا الكتاب ومن ثم قيادة البشرية إلى الغاية التي أنزل من أجلها القرآن وهي تعبيد البشرية لخالقها:
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)) سورة فصلت
وحين نقول إن القرآن كتاب هداية فقط وليس كتابا حوى مختلف العلوم فليس في هذا انتقاصا من قدر القرآن وإنما هي الحقيقة.
لقد عاشت البشرية قبل نزول القرآن قروناً متطاولة واكتشفت من سنن الله في الكون في مختلف العلوم الشيء الكثير، ودون في مختلف العلوم؛ الطب والهندسة والفلك وغيرها من العلوم، ولما جاء الإسلام وبسط هيمنته على الدنيا شجع العلم والعلماء، وطور العلماء المسلمون كثيرا من العلوم واكتشفوا الكثير في الطب والهندسة والفلك والرياضيات، وما نراه اليوم من تطور علمي واكتشافات إنما هو نتاج وثمرة تلك العلوم الإسلامية والتي تلقفتها أوروبا وبنت عليها حضارتها.
ولقد تكلم علماء القرآن في علاقة القرآن بمختلف العلوم وقالوا إن في القرآن إشارات إلى مختلف العلوم وهذا قد يكون صحيحا إلى حد ما، أما كون القرآن قد حوى تفصيلات العلوم أو أنه قد حوى علوم الأولين والآخرين فهذا من المجازفة التي يعوز صاحبها الدليل الذي لن يستطيع إيجاده.
إن الاستدلال بقوله تعالى: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) سورة الأنعام من الآية (38) وقوله تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) سورة النحل من الآية (89) على أن القرآن قد احتوى مختلف العلوم استدلال لا يقوم على ساقين ومن له أدنى معرفة بعلم أصول الفقه واستعمال القرآن وأساليبه يرد هذا الاستدلال.
وبالمثال تتضح الأمور:
لقد ذكر الله تعالى الفلك في أكثر من آية فهل يصح بناء على ذلك أن نقول إن علم صناعة السفن قديما وحديثا موجود في القرآن؟
ذكر الله تعالى المرض والشفاء في القرآن فهل يعني أن علم الطب بأصوله وفروعه موجود في كتاب الله؟
¥